" صفحة رقم ٣٤٥ "
و ) أيّان يوم الدين ( مقول قول محذوف دلّ عليه ) يسألون ( لأن في فعل السؤال معنى القول. فتقدير الكلام : يقولون : أيان يوم الدين. ولك أن تجعل جملة ) أيان يوم الدين ( بدلاً من جملة ) يسألون ( لتفصيل إجماله وهو من نوع البدل المطابق. و ) أيّان ( اسم استفهام عن زمان فعل وهو في محل نصب مبنيّ على الفتح، أي متى يوم الدين، ويوم الدين زمان فالسؤال عن زمانه آيل إلى السؤال باعتبار وقوعه، فالتقدير : أيان وقوع يوم الدين، أو حلوله، كما تقول : متى يوم رمَضان أي متى ثبوته لأن أسماء الزمان حقها أن تقع ظروفاً للأحداث لا للأزمنة.
وجملة ) يوم هم على النار يفتنون ( جواب لسؤالهم جرى على الأسلوب الحكيم من تلقي السائل بغير ما يتطلب إذ هم حين قالوا : أيّان يوم الدين، أرادوا التهكم والإحالة فتُلقِّي كلامُهم بغير مرادهم لأن في الجواب ما يشفي وقع تهكمهم على طريقة قوله تعالى :( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيتُ للناس والحج ( ( البقرة : ١٨٩ ). والمعنى : يوم الدين يقع يوم تُصْلَوْن النار ويقال لكم : ذوقوا فتنتكم.
وانتصب ) يوم هم على النار يفتنون ( على الظرفية وهو خبر عن مبتدأ محذوف دل عليه السؤال عنه بقولهم : أيام يوم الدين. والتقدير : يومُ الدين يومَ هم على النار يفتنون.
والفَتْن : التعذيب والتحريق، أي يوم هم يعذبون على نار جهنم وأصل الفَتْن الاختيار. وشاع إطلاقه على معان منها إذابة الذهب على النار في البُوتَقة لاختيار ما فيه من معدن غيرِ ذهب، ولا يذاب إلا بحرارة نار شديدة فهو هنا كناية عن الإحراق الشديد.
وجملة ) ذوقوا فتنتكم ( مقول قول محذوف دل عليه الخطاب، أي يقال لهم حينئذٍ، أو مقولاً لهم ذوقوا فتنتكم، أي عذابكم. والأمر في قوله :( ذوقوا ( مستعمل في التنكيل.


الصفحة التالية
Icon