" صفحة رقم ٧٣ "
وفي الابتداء بالموصول والصلة المتضمنة كُفر الذين كفروا ومناواتهم لدين الله تشويق لما يرد بعده من الحكم المناسب للصلة، وإيماء بالموصول وصلته إلى علة الحكم عليه بالخبر أي لأجل كفرهم وصدهم، وبراعة استهلال للغرض المقصود.
والكفُر : الإشراك بالله كما هو مصطلح القرآن حيثما أطلق الكفر مجرداً عن قرينة إرادة غير المشركين. وقد اشتملت هذه الجملة على ثلاثة أوصاف للمشركين. وهي : الكفر، والصد عن سبيل الله، وضلال الأعمال الناشىء عن إضلال الله إياهم.
والصدّ عن سبيل : هو صرف الناس عن متابعة دين الإسلام، وصرفُهم أنفسهم عن سماع دعوة الإسلام بطريق الأوْلى. وأضيف ( السبيل ) إلى ) الله ( لأنه الدين الذي ارتضاه الله لعباده ) إن الدين عند الله الإسلام ( ( آل عمران : ١٩ ). واستعير اسم السبيل للدين لأن الدين يوصل إلى رضى الله كما يوصل السبيل السائرَ فيه إلى بُغيته.
ومن الصد عن سبيل الله صدهم المسلمين عن المسجد الحرام قال تعالى :( ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام ( ( الحج : ٢٥ ). ومن الصد عن المسجد الحرام : إخراجهم الرسول ( ﷺ ) والمؤمنين من مكة، وصدهم عن العُمرة عام الحديبية. ومن الصد عن سبيل الله : إطعامهم الناس يوم بدر ليثبتوا معهم ويكثروا حولهم، فلذلك قيل : إن الآية نزلت في المطعِمين يوم بدر وكانوا اثني عشر رجلاً من سادة المشركين من قريش. وهم : أبو جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبيٌّ بن خلَف وأمية بن خلَف ونُبَيْه بن الحجاج ومُنَبِّه بنُ الحجاج وأبو البَخْتَرِي بنُ هشام والحارث بن هشام وزَمعة بن الأسود والحارث بن عامر بن نَوفل وحَكيم بن حِزام وهذا الأخير أسلم من بعد وصار من خيرة الصحابة. وعدّ منهم صفوان بن أمية وسهل بن عمرو ومِقْيَس الجُمحي والعباس بن


الصفحة التالية
Icon