" صفحة رقم ٧٧ "
به فُجع الفرسان فوق خيولهم
كما فُجعت تحت الستور العواتق
تساقط من أيديهم البِيضُ حيرة
وزُعزع عن أجيادهن المخانق
وفي هذه الآية محسِّن الطباق مرتين بين ) الذين كفروا ( و ) الذين آمنوا ( وبين ) الحق ( و ) الباطل ). وفي بيتي الزمخشري محسّن الطباق مرة واحدة بين فوق وتحت. واتباع الباطل واتباع الحق تمثيليتان لهيئتي العمل بما يأمر به أيمة الشرك أولياءهم وما يدعو إليه القرآن، أي عملوا بالباطل وعمل الآخرون بالحق.
ووصف ) الحق ( بأنه ) من ربهم ( تنويه به وتشريف لهم.
تذييل لما قبله، أي مثل ذلك التبيين للحالين يبين الله الأحوال للناس بياناً واضحاً.
والمعنى : قد بيّنا لكل فريق من الكافرين والمؤمنين حاله تفصيلاً وإجمالاً، وما تفضي إليه من استحقاق المعاملة بحيث لم يبق خفاء في كنه الحالين، ومثل ذلك البيان يمثل الله للناس أحوالهم كيلا تلتبس عليهم الأسباب والمسببات.
ومعنى ) يضرب ( : يلقي وهذا إلقاء تبيين بقرينة السياق، وتقدم عند قوله تعالى :( أن يضرب مثلاً ما في سورة البقرة.
والأمثال : جمع مثَل بالتحريك وهو الحال التي تمثل صاحبها، أي تشهره للناس وتعرفهم به فلا يلتبس بنظائره. واللام للأجل، والمراد بالناس جميع الناس. وضمير أمثالهم ( للناس.
والمعنى : كهذا التبيين يبّين الله للناس أحوالهم فلا يبقوا في غفلة عن شؤون أنفسهم محجوبين عن تحقق كنههم بحِجَاب التعود لئلا يختلط الخبيث بالطيب، ولكي يكونوا على بصيرة في شؤونهم، وفي هذا إيماء إلى وجوب التوسم لتمييز المنافقين عن المسلمين حقاً، فإن من مقاصد السورة التحذير من المنافقين.


الصفحة التالية
Icon