" صفحة رقم ٨٦ "
والفعل من التعس يجيء من باب منع وباب سمع، وفي ( القاموس ) إذا خاطبتَ قلتَ : تَعَست كمَنع، وإذا حَكيت قلت : تَعِسَ كسمع.
وانتصب ) تعساً ( على المفعول المطلق بدلاً من فعله. والتقدير : فتعسوا تعسهم، وهو من إضافة المصدر إلى فاعله مثل تبًّا له، وويحاً له. وقصد من الإضافة اختصاص التعس بهم، ثم أدخلت على الفاعل لام التبيين فصار ) تعساً لهم ). والمجرور متعلق بالمصدر، أو بعامله المحذوف على التحقيق وهو مختار بن مالك وإن أباه ابنُ هشام. ويجوز أن يكون ) تعساً لهم ( مستعملاً في الدعاء عليهم لقصد التحقير والتفظيع، وذلك من استعمالات هذا المركب مثل سَقياً له ورَعياً له وتَبًّا له وويحاً له وحينئذٍ يتعين في الآية فعل قول محذوف تقديره : فقال الله : تعساً لهم، أو فيقال : تعساً لهم.
ودخلت الفاء على ) تعساً ( وهو خبر الموصول لمعاملة الموصول معاملة الشرط.
وقوله :( وأضل أعمالهم ( إشارة إلى ما تقدم في أول السورة من قوله :( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم ( ( محمد : ١ )، وتقدم القول على ) أضلّ أعمالهم ( هنالك.
والقول في قوله :( ذلك بأنهم كرهوا ( الخ في معناه، وفي موقعه من الجملة التي قبله وفي نكتة تكريره كما تقدم في قوله :( ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل ( ( محمد : ٣ ).
والإشارة إلى التعس وإضلال الأعمال المتقدم ذكرهما. والكراهية : البغض والعداوة.
و ) ما أنزل الله ( هو القرآن وما فيه من التوحيد والرسالة والبعث، قال تعالى :( كَبُر على المشركين ما تدعوهم إليه ( ( الشورى : ١٣ ).
والباء في ) بأنهم كرهوا ( للسببيّة.


الصفحة التالية
Icon