" صفحة رقم ٩٢ "
أهلكناهم إهلاكاً لا بقاء معه لشيء منهم لأن بقاء شيء منهم نصر لذلك الباقي بنجاته من الإهلاك.
واسم الفاعل في قوله :( فلا ناصر ( مراد به الجنس لوقوعه بعد ( لا ) النافية للجنس فلذلك لا يقصد تضمنه لزمن مَّا لأنه غير مراد به معنى الفعل بل مجرد الاتصاف بالمصدر فتمحض للاسمية، ولا التفات فيه إلى زمن من الأزمنة الثلاثة، ولذا فمعنى ) فلا ناصر لهم ( : فلم ينصرهم أحد فيما مضى. ولا حاجة إلى إجراء ما حصل في الزمن الماضي مجرى زمن الحال، وقولهم اسم الفاعل حقيقة في الحال جرى على الغالب فيما إذا أريد به معنى الفعل. وقرأ الجمهور :( وكأيِّن ( بهمزة بعد الكاف وبتشديد الياء. وقرأه ابن كثير بألف بعد الكاف وتخفيف الياء مكسورة وهي لغة.
تفريع على جملة ) أهلكناهم فلا ناصر لهم ( ( محمد : ١٣ ) لتحقيق أنهم لا ناصر لهم تحقيقاً يرجع إلى ما في الكلام من المعنى التعريضي فهو شبيه بالاستئناف البياني جاء بأسلوب التفريع.
ويجوز مع ذلك أن يكون مفرَّعاً على ما سبق من قوله :( إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( ( محمد : ١٢ ) الآية، فيكون له حكم الاعتراض لأنه تفريع على اعتراض. وهذا تفنن في تلوين الكلام لتجديد نشاط السامعين هو من الأساليب التي ابتكرها القرآن في كلام العرب. والاستفهام مستعمل في إنكار المماثلة التي يقتضيها حرف التشبيه.
والمقصود من إنكار المشابهة بين هؤلاء وهؤلاء هو تفضيل الفريق الأول، وإنكار زعم المشركين أنهم خير من المؤمنين كما ظهر ذلك عليهم في مواطن كثيرة


الصفحة التالية
Icon