" صفحة رقم ٩٥ "
عمله ( ( محمد : ١٤ ). والتقدير : أكَمَنْ هو خالد في النار. والإنكار متسلط على التشبيه الذي هو بمعنى التسوية. ويجوز أن تكون جملة ) مثَل الجنة ( بدلاً من جملة ) أفمن كان على بينة من ربه ( فهي داخلة في حيز الاستفهام الإنكاري. والخبر قوله :( كمن هو خالد في النار (، أي كحال من هو خالد في النار وذلك يستلزم اختلاف حال النار عن حال الجنة، فحصل نحو الاحتباك إذ دل ) مَثَل الجنة ( على مَثَل أصحابها ودلّ مثل من هو خالد في النار على مثل النار.
والمقصود : بيان البَون بين حالي المسلمين والمشركين بذكر التفاوت بين حالي مصيرهما المقرر في قوله :( إن الله يدخل الذين آمنوا وعمل الصالحات جناتٍ ( ( الحج : ٢٣ ) إلى آخره، ولذلك لم يترك ذكر أصحاب الجنّة وأصحاب النار في خلال ذكر الجنة والنار فقال :( مثل الجنة التي وُعد المتقون ( وقال بعده ) كمن هو خالد في النار ). ولقصد زيادة تصوير مكابرة من يُسَوِّي بين المتمسك ببينةِ ربه وبين التابع لهواه، أي هو أيضاً كالذي يسوي بين الجنّة ذات تلك الصفات وبين النار ذاتتِ صفاتتٍ ضدها.
وفيه اطراد أساليب السورة إذ افتتحت بالمقابلة بين الذين كفروا والذين آمنوا، وأعقب باتباع الكافرين الباطل واتباع المؤمنين الحق، وثُلّثَ بقوله :( أفمن كان على بيّنة من ربّه ( الخ. والمثل : الحال العجيب.
وجملة ) فيها أنهار ( وما عطف عليها تفصيل للإجمال الذي في جملة ) مَثل الجنة (، فهو استئناف، أو بدل مفصَّل من مجمل على رأي من يثبته في أنواع البدل.
والأنهار : جمع نهْر، وهو الماء المستبحر الجاري في أخدود عظيم من الأرض، وتقدم في قوله تعالى :( قال إن الله مبْتلِيكم بنهَر في سورة البقرة.


الصفحة التالية
Icon