" صفحة رقم ١١٤ "
فالمراد ب ) لمن يشاء ( من يشاؤه الله منهم، أي فإذا أذن لأحدهم قبلت شفاعته. واللام في قوله :( لمن يشاء ( هي اللام التي تدخل بعد مادة الشفاعة على المشفوع له فهي متعلقة بشفاعتهم على حد قوله تعالى :( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى (، وليست اللامُ متعلقة ب ) يأذن الله ). ومفعول ) يأذن ( محذوف دل عليه قوله :( لا تغني شفاعتهم (، وتقديره : أن يأذنهم الله.
ويجوز أن تكون اللام لتعدية ) يأذن ( إذا أريد به معنى يستمع، أي أن يُظهر لمن يشاء منهم أنه يقبل منه. ومعنى ذلك أن الملائكة لا يزالون يتقربون بطلب إلحاق المؤمنين بالمراتب العليا كما دل عليه قوله تعالى :( ويستغفرون للذين آمنوا ( ( غافر : ٧ ) وقوله :( ويستغفرون لمن في الأرض ( ( الشورى : ٥ ) فإن الاستغفار دعاء والشفاعة توجه أَعلى، فالملائكة يعلمون إذا أراد الله استجابة دعوتهم في بعض المؤمنين أذن لأحدهم أن يشفع له عند الله فيشفع فتقبل شفاعته، فهذا تقريب كيفية الشفاعة. ونظيره ما ورد في حديث شفاعة محمد ( ﷺ ) في موقف الحشر.
وعُطف ) ويرضى ( على ) لمن يشاء ( للإِشارة إلى أن إذن الله بالشفاعة يجري على حسب إرادته إذا كان المشفوع له أهلاً لأن يُشفع له. وفي هذا الإِبهام تحريض للؤمنين أن يجتهدوا في التعرض لرضَى الله عنهم ليكونوا أهلاً للعفو عما فرطوا فيه من الأعمال.
( ٢٧، ٢٨ )
اعتراض واستطراد لمناسبة ذكر الملائكة وتبعاً لما ذكر آنفاً من جعل المشركين اللاّت والعُزى ومناة بناتتٍ لله بقوله :( أفرأيتم اللات والعزى إلى قوله : ألكم الذكر وله الأنثى ( ( النجم : ١٩ ٢١ ) ثُنِّيَ إليهم عنان الرد والإِبطال لزعمهم أن الملائكة بنات الله جمعاً بين ردّ باطلين متشابهين، وكان مقتضى الظاهر أن يعبر عن المردود عليهم بضمير الغيبة تبعاً لقوله :( إن يتبعون إلا الظن ( ( النجم : ٢٨ )، فعدل عن الإِضمار إلى الإِظهار بالموصولية لما تؤذن به الصلة من التوبيخ لهم والتحقير لعقائدهم إذ كفروا


الصفحة التالية
Icon