" صفحة رقم ١٢٧ "
( ٣٣ ٣٥ )
الفاء لتفريع الاستفهام التعجيبي على قوله :( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ( ( النجم : ٣١ ) إذ كان حال هذا الذي تولى وأعطى قليلاً وأكدى جهلاً بأن للإِنسان ما سعى، وقد حصل في وقت نزول الآية المتقدمة أو قبلَها حادث أنبأ عن سوء الفهم لمراد الله من عباده مع أنه واضح لمن صرف حق فهمه. ففرع على ذلك كله تعجيب من انحراف أفهامهم.
فالذي تولى وأعطى قليلاً هو هنا ليس فريقاً مثل الذي عناه قوله :( فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ( ( النجم : ٢٩ ) بل هو شخص بعينه. واتفق المفسرون والرواة على أن المراد به هنا معين، ولعل ذلك وجه التعبير عنه بلفظ ) الذي ( دون كلمة ( مَن ) لأن ) الذي ( أظهر في الإِطلاق على الواحد المعين دون لفظ ( مَن ).
واختلفوا في تعيين هذا ) الذي تولى وأعطى قليلاً (، فروى الطبري والقرطبي عن مجاهد وابننِ زيد أن المراد به الوليد بن المغيرة قالوا : كان يجلس إلى النبي ( ﷺ ) ويستمع إلى قراءته وكان رسول الله ( ﷺ ) يعظه فقارب أن يُسلم فعاتبه رجل من المشركين ( لم يسموه ) وقال : لم تركتَ دِين الأشياخ وضلّلتهم وزعمتَ أنهم في النار كان ينبغي أن تنصرهم فكيف يُفعل بآبائك فقال :( إني خشيت عذاب الله ) فقال :( أعطني شيئاً وأنا أحمل عنك كل عذاب كان عليك ) فأعطاه ( ولعل ذلك كان عندهم التزاماً يلزم ملتزمه وهم لا يؤمنون بجزاء الآخرة فلعله تفادى من غضب الله في الدنيا ورجع إلى الشرك ) ولما سأله الزيادة بخل عنه وتعاسر وأكدى.
وروى القرطبي عن السدّي : أنها نزلت في العاصي بن وائل السَّهْمي، وعن محمد بن كعب : نزلت في أبي جهل، وعن الضحاك : نزلت في النضر بن الحارث.
ووقع في ( أسباب النزول ) للواحدي و ( الكشاف ) أنها نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح حين صد عثمان بنَ عفان عن نفقة في الخير كان ينفقها ( أي قبل أن


الصفحة التالية
Icon