" صفحة رقم ١٤٠ "
و ) ثم ( للتراخي الرتبي لأن حصول الجزاء أهم من إظهاره أو إظهار المجزي عنه.
وضمير النصب في قوله :( يجزاه ( عائد إلى السعي، أي يجزى عليه، أو يجزى به فحذف حرف الجر ونصب على نزع الخافض فقد كثر أن يقال : جزاهُ عَمَله، وأصله : جزاه على عمله أو جزاه بعمله.
والأوفى : اسم تفضيل من الوفاء وهو التمام والكمال، والتفضيل مستعمل هنا في القوة، وليس المراد تفضيله على غيره. والمعنى : أن الجَزاء على الفعل من حَسن أو سيء موافق للمجزيِّ عليه، قال تعالى :( فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ( ( النساء : ١٧٣ ) وقال :( وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص ( ( هود : ١٠٩ ) وقال :( ووجد الله عنده فوفاه حسابه ( ( النور : ٣٩ ) وقال :( فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفوراً ( ( الإسراء : ٦٣ ).
وانتصب ) الجزاء الأوفى ( على المفعول المطلق المبين للنوع.
وقد حكى الله عن إبراهيم ) ولا تخزني يوم يبعثون ( ( الشعراء : ٨٧ ).
القول في موقعها كالقول في موقع جملة ) وأن سعيه سوف يرى ( ( النجم : ٤٠ ) سواءً، فيجوز أن تكون هذه الجملة معطوفة على جملة ) وأن سعيه سوف يرى ( فتكون تتمة لما في صحف موسى وإبراهيم، ويكونَ الخطاب في قوله :( إلى ربك ( التفاتاً من الغيبة إلى الخطاب والمخاطب غيرُ معينّ فكأنه قيل : وأن إلى ربه المنتهى، وقد يكون نظيرها من كلام إبراهيم ما حكاه الله عنه بقوله :( وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين ( ( الصافات : ٩٩ ).
ويجوز أنها ليست مما اشتملت عليه صحف موسى وإبراهيم ويكون عطفُها عطفَ مفرد على مفرد، فيكون المصدر المنسبك من ) أنّ ( ومعمولها مدخولاً للباء، أي لم ينبأ بأن إلى ربك المنتهى، والخطاب للنبيء ( ﷺ )


الصفحة التالية
Icon