" صفحة رقم ١٥١ "
بالعَبور فَعول بمعنى فاعلة، وهو احتراز عن كوكب آخر ليس من كواكب الجوزاء يسمونه الشِعرى الفُمَيْصَاء ( بالغين المعجمة والصاد المهملة بصيغة تصغير ) وذكروا لتسميته قصة.
والشعرى تسمى المِرزم ( كمنبر ) ويقال : مرزم الجوزاء لأن نوءه يأتي بمطر بارد في فصل الشتاء فاشتق له اسم آلة الرَّزم وهو شدة البرد ( فإنهم كنَّوا ريح الشّمال أمَّ رِزَم ).
وكان كوكب الشعرى عبدتْه خزاعة والذي سنّ عبادته رجل من سادة خزاعة يكنَى أبا كبشة. واختلف في اسمه ففي ( تاج العروس ) عن الكلبي أن اسمه جَزْء ( بجيم وزاي وهمزة ). وعن الدارقطني أنه وَجز ( بواو وجيم وزاي ) بن غالب بن عامر بن الحارث بن غُبشان كذا في ( التاج )، والذي في ( جمهرة ابن حزم ) أن الحارث هو غُبشان الخزاعي. ومنهم من قال : إن اسم أبي كبشة عَبْد الشِعرى. ولا أحسب إلا أن هذا وصفٌ غلب عليه بعد أن اتخذ الشِّعرى معبوداً له ولقومه، ولم يعرج ابن حزم في ( الجمهرة ) على ذكر أبي كَبشة.
والذي عليه الجمهور أن الشّعرى لم يعبدها من قبائل العرب إلاّ خزاعة. وفي ( تفسير القرطبي ) عن السدّي أن حمير عبدوا الشعرى.
وكانت قريش تدعو رسول الله ( ﷺ ) أبا كبشة خيل لمخالفته إياهم في عبادة الأصنام، وكانوا يصفونه بابن أبي كبشة. قيل لأن أبا كبشة كان من أجداد النبي ( ﷺ ) من قبِل أمه يُعرِّضون أو يموّهون على دهمائهم بأنه يدعو إلى عبادة الشِعرى يريدون التغطية على الدعوة إلى توحيد الله تعالى فمن ذلك قولهم لما أراهم انشقاق القمر ( سَحركم ابن أبي كبشة ) وقول أبي سفيان للنفر الذين كانوا معه في حضرة هرقل ( لقد أمِرَ أَمْر ابن أبي كبشة أنه يخافه ملك بني الأصفر ).
قال ابن أبي الأصبع ( في هذه الآية من البديع محسن التنكيت وهو أن يقصد المتكلم إلى شيء بالذكر دون غيره مما يسده مسد لأجل نكتة في المذكور ترجح مجيئه فقوله تعالى :( وأنه هو رب الشعرَى ( خَص الشعرى بالذكر دون غيرها من النجوم