" صفحة رقم ١٥٨ "
وجمعه : نُذر، هذا هو الأشهر فيه. ولذلك جعل ابن جريج وجمع من المفسرين الإِشارة إلى محمد ( ﷺ ) وهو بعيد.
ويطلق النذير على الإِنذار وهو خبر المخبِر على طريقة المجاز العقلي. قال أبو القاسم الزجاجي : يطلق النذير على الإِنذار ( يريد أنه اسم مصدر ) ومنه قوله تعالى :( فستعلمون كيف نذير ( ( الملك : ١٧ ) أي إنذاري وجمعه نُذر أيضاً، ومنه قوله تعالى :( كذبت ثمود بالنذر ( ( القمر : ٢٣ )، أي بالمنذِرين. وإطلاق نذير على ما هو كلام وهو القرآن أو بعض آياته مجاز عقلي، أو استعارة على رأي جمهور أهل اللغة وهو حقيقة على رأي الزجاجي.
والمراد بالنذر الأولى : السالفة، أي أن معنى هذا الكلام من معاني الشرائع الأولى كقوله النبي :( إنّ مما أدرك الناسُ من كلام النبوءة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئتَ ) أي من كلام الأنبياء قبل الإِسلام.
( ٥٧، ٥٨ )
تتنزل هذه الجملة من التي قبلها منزلة البيان للإِنذار الذي تضمّنه قوله :( هذا نذير ( ( النجم : ٥٦ ).
فالمعنى : هذا نذير بآزفة قربت، وفي ذكر فعل القرب فائدة أخرى زائدة على البيان وهي أن هذا المنذَر به دَنا وقته، فإنّ : أزف معناه : قَرب وحقيقته القرب المكان، واستعير لقرب الزمان لكثرة ما يعاملون الزمان معاملة المكان.
والتنبيه على قرب المنذر به من كمال الإِنذار للبدار بتجنب الوقوع فيما ينذر به.
وجيء لفعل ) أزفت ( بفاعل من مادة الفعل للتهويل على السامع لتذهب النفس كل مذهب ممكن في تعيين هذه المحادثة التي أزفت، ومعلوم أنها من الأمور المكروهة لورود ذكرها عقب ذكر الإِنذار.
وتأنيث ) الأزفة ( بتأويل الوقعة، أو الحادثة كما يقال : نَزلت به نازلة، أو