" صفحة رقم ١٧٢ "
القمر قالوا :( هذا سحر محمد بن أبي كبشة ) وفي رواية قالوا :( قد سَحَر محمد القمر )، ويجوز أن يكون كلاماً مستأنفاً من ذكر أحوال تكذيبهم ومكابرتهم وعلى كلا الوجهين فإن وقوع ) آية (، وهو نكرة في سياق الشرط يفيد العموم.
وجيء بهذا الخبر في صورة الشرط للدلالة على أن هذا ديدنهم ودأبهم.
وضمير ) يروا ( عائد إلى غير مذكور في الكلام دال عليه المقام وهم المشركون، كما جاء في مواضع كثيرة من القرآن، مع أن قصة انشقاق القمر وطعنهم فيها مشهور يومئذٍ معروفة أصحابه، فهم مستمرون عليه كلما رأوا آية على صدق الرسول ( ﷺ )
ووصف ) مستمر ( يجوز أن يكون مشتقاً من فعل مَرّ الذي هو مجاز في الزوال والسين والتاء للتقوية في الفعل، أي لا يبقى القمر منشقاً. ويجوز أن يكون مشتقاً من المِرة بكسر الميم، أي القوة، والسين والتاء للطلب، أي طلب لفعله مِرّة، أي قوة، أي تمكناً. والمعنى : هذا سحر معروف متكرر، أي معهود منه مثله.
هذا إخبار عن حالهم فيما مضى بعد أن أخبر عن حالهم في المستقبل بالشرط الذي في قوله :( وإن يروا آية يعرضوا ( ( القمر : ٢ ). ومقابلة ذلك بهذا فيه شبه احتباك كأنه قيل : وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا : سحر، وقد رأوا الآيات وأعرضوا وقالوا : سحر مستمر، وكذبوا واتبعوا أهوائهم وسيكذبون ويتبعون أهواءهم.
وعَطْف ) واتبعوا أهواءهم ( عطفُ العلة على المعلول لأن تكذيبهم لا دافع لهم إليه إلا اتباعُ ما تهواه أنفسهم من بقاء حالهم على ما ألفوه وعهدوه واشتهر دوامه.
وجمع الأهواء دون أن يقول واتبعوا الهوى كما قال :( إن يتبعون إلا الظن ( ( الأنعام : ١١٦ )، حيث إن الهوى اسم جنس يصدق بالواحد والمتعدد، فعدل عن الإِفراد إلى