" صفحة رقم ١٧٧ "
آخذٌ بعضها بحجز بعض بحسن اتصال ينقل كل منها ذهن السامع إلى الذي بعده من غير شعور بأنه يُعدّد له أشياءَ.
وقد عُدّ سبعة من مظاهر الأهوال :
أولها : دعاء الداعي فإنه مؤذن بأنهم محضرون إلى الحساب، لأن مفعول ) يدع ( محذوف بتقدير : يدعوهم الداعي لدلالة ضمير ) عنهم ( على تقدير المحذوف.
الثاني : أنه يدعو إلى شيء عظيم لأن ما في لفظ ) شيء ( من الإِبهام يُشعر بأنه مهول، وما في تنكيره من التعظيم يجسم ذلك الهول.
وثالثها : وصف شيء بأنه ) نكر (، أي موصوف بأنه تنكره النفوس وتكرهه.
والنكُر بضمتين : صفة، وهذا الوزن قليل في الصفات، ومنه قولهم : روضة أُنُف، أي جديدة لم ترعها الماشية، ورجل شُلُل، أي خفيف سريع في الحاجات، ورجل سُجُح بجيم قبل الحاء، أي سمح، وناقة أُجُد : قوية موثقة فَقار الظهر، ويجوز إسكان عين الكلمة فيها للتخفيف وبه قرأ ابن كثير هنا.
ورابعها :( خشعاً أبصارهم ( أي ذليلة ينظرون من طرف خفي لا تثبت أحداقهم في وجُوه الناس، وهي نظرة الخائف المفتضح وهو كناية لأن ذلة الذليل وعزة العزيز تَظهران في عيونهما.
وخامسها : تشبيههم بالجراد المنتشر في الاكتظاظ واستتار بعضهم ببعض من شدة الخوف زيادة على ما يفيده التشبيه من الكثرة والتحرك.
وسادسها : وصفهم بمهطعين، والمُهطع : الماشي سريعاً مادًّا عنقه، وهي مشيئة مذعور غير ملتف إلى شيء، يقال : هطع وأهطع.
وسابعها : قولهم :( هذا يوم عسر ( وهو قولٌ من أثر ما في نفوسهم من


الصفحة التالية
Icon