" صفحة رقم ١٨١ "
وحاصل نظم الكلام يرجع إلى معنى : أنه حصل فعل فكان حصوله على صفة خاصة أو طريقة خاصة.
ويجوز أن يكون فعل ) كذبت ( مستعملاً في معنى : إنهم اعتقدوا كذبه، فتفريع ) فكذّبوا عبدنا ( عليه تفريع تصريحهم بتكذيبه على اعتقادهم كذبه. فيكون فعل ) كذبوا ( مستعملاً في معنى غير الذي استعمل فيه فعل ) كذبت (، والتفريع ظاهر على هذا الوجه.
وهذا الوجه يتأتّى في قوله تعالى :( وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي في سورة سبأ.
ويجوز أن يكون قوله : كذبت قبلهم قوم نوح ( إخباراً عن تكذيبهم بتفرد الله بالإِلهية حين تلقوه من الأنبياء الذين كانوا قبل نوح ولم يكن قبله رسول وعلى هذا الوجه يكون التفريع ظاهراً.
و ) ازدجر ( معطوف على ) قالوا ( وهو افتعل من الزجر. وصيغة الافتعال هنا للمبالغة مثلها : افتقر واضطر.
ونكتة بناء الفعل للمجهول هنا التوصل إلى حذف ما يسند إليه فعل الازدجار المبني للفاعل وهو ضمير ) قوم نوح (، فعدل على أن يقال : وازدجروه، إلى قوله :( وازدجر ( مُحاشاة للدّال على ذات نوح وهو ضمير من أن يقع مفعولاً لضميرهم. ومرادهم أنهم ازدجروه، أي نهوه عن ادعاء الرسالة بغلظة قال تعالى :( قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين ( ( الأعراف : ٦٦ ) وقال :( قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين ( ( الشعراء : ١١٦ ) وقال :( وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه ( ( هود : ٣٨ ).