" صفحة رقم ١٨٤ "
بالتخفيف إذا ضبطه وعينه كما قال تعالى :( إنا كل شيء خلقناه بقدر ( ( القمر : ٤٩ ) ومحل ) على أمر ( النصب على الحال من الماء.
واكتفي بهذا الخبر عن بقية المعنى، وهو طغيان الطوفان عليهم اكتفاء بما أفاده تفريع ) ففتحنا أبواب السماء ( كما تقدم انتقالاً إلى وصف إنجاء نوح من ذلك الكرب العظيم، فجملة ) وحملناه ( معطوفة على التفريع عطف احتراس.
والمعنى : فأغرقناهم ونجَّيْناه.
و ) ذات ألواح ودُسُر ( صفة السفينة، أقيمت مقام الموصوف هنا عوضاً عن أن يقال : وحملناه على الفلك لأن في هذه الصفة بيان متانة هذه السفينة وإحكام صنعها. وفي ذلك إظهار لعناية الله بنجاة نوح ومن معه فإن الله أمره بصنع السفينة وأوحى إليه كيفية صنعها ولم تكن تعرف سفينة قبلها، قال تعالى :( وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ( ( هود : ٣٦، ٣٧ )، وعادة البلغاء إذا احتاجوا لذكر صفة بشيء وكان ذكرها دالاً على موصوفها أن يستغنوا عن ذكر الموصوف إيجازاً كما قال تعالى :( أن اعمل سابغات ( ( سبأ : ١١ )، أي دروعاً سابغات.
والحمل : رفع الشيء على الظهر أو الرأس لنقله ) وتحمل أثقالكم ( ( النحل : ٧ ) وله مجازات كثيرة.
والألواح : جمع لوح، وهو القطعة المسوّاة من الخشب.
والدسر : جمع دِسار، وهو المسمار.
وعدي فعل ( حملنا ) إلى ضمير نوح دون من معه من قومه لأن هذا الحمل كان إجابة لدعوته ولنصره فهو المقصود الأول من هذا الحمل، وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى :( فأنجيناه والذين معه برحمة منا ( ( الأعراف : ٧٢ ) وقوله :( فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك ( ( المؤمنون : ٢٨ ) ونحوه من الآيات الدالة على أنه المقصود بالإنجاء وأن نجاة قومه بمعيته، وحسبك قوله تعالى في تذييل هذه الآية ) جزاء لمن كان كفر ( فإن الذي كان كُفِر هو نوح كفر به قومه.


الصفحة التالية
Icon