" صفحة رقم ١٩٢ "
والبليغ يتفطن للتغاير بينهما فيصرفه عن توهم أن تكون هذه تكريراً فإنه لما لم يسبق وصف عذاب عاد لم يستقم أن يكون قوله :( فكيف كان عذابي ( تعجيباً من حالة عذابهم.
وقوله :( ونذر ( موعظة من تحقق وعيد الله إياهم، وقد أشار الفخر إلى هذا وقفينا عليه ببسط وتوجيه. وأصل السؤال عن تكرير هذه الجملة أثناء قصة عاد هنا أورده في كتاب ( درة التنزيل وغرة التأويل ) المنسوب إلى الفخر وإلى الراغب إلا أن كلام الفخر في ( التفسير ) أجدر بالتعويل مما في ( درة التنزيل ).
وجملة ) إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً ( الخ بيان للإجمال الذي في قوله :( فكيف كان عذابي ونذر ). وهو في صورة جواب للاستفهام الصوري. وكلتا الجملتين يفيد تعريضاً بتهديد المشركين بعذاب على تكذيبهم.
وجملة البيان إنما اتصف حال العذاب دون حال الإِنذار، أو حال رسولهم وهو اكتفاء لأن التكذيب يتضمن مجيء نذير إليهم وفي مفعول ) كذبت ( المحذوف إشعار برسولهم الذي كذبوه وبعث الرسول وتكذيبهم إياه بتضمن الإِنذار لأنهم لما كذبوه حق عليه إنذارهم.
وتعدية إرسال الريح إلى ضميرهم هي كإسناد التكذيب إليهم بناء على الغالب وقد أنجى الله هوداً والذين معه كما علمت آنفاً أو هو عائد إلى المكذبين بقرينة قوله :( كذبت عاد ).
والصرصر : الشديدة القوية يكون لها صوت، وتقدم في سورة فصّلت.
وأريد ب ) يوم نحس ( أول أيام الريح التي أرسلت على عاد إذ كانت سبعة أيام إلا يوماً كما في قوله تعالى :( فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات في سورة فصّلت وقوله : سخّرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً في سورة الحاقة.
والنحْس : سوء الحال.
وإضافة يوم ( إلى ) نحس ( من إضافة الزمان إلى ما يقع فيه كقولهم يوم


الصفحة التالية
Icon