" صفحة رقم ٢٠١ "
وضمير ) بينهم ( عائد إلى معلوم من المقام بعد ذكر الماء إذ من المتعارف أن الماء يستقي منه أهل القرية لأنفسهم وماشيتهم، ولما ذكرت الناقة عُلم أنها لا تستغني عن الشرب فغلّب ضمير العقلاء على ضمير الناقة الواحدة وإذ لم يكن للناقة مالك خاص أمر الله لها بنوبة في الماء. وقد جاء في آية سورة الشعراء ) قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم، وهذا مبدأ الفتنة، فقد روي أن الناقة كانت في يوم شربها تشرب ماء البئر كله فشحّوا بذلك وأضمروا حَلْدَها عن الماء فأبلغهم صالح إن الله ينهاهم عن أن يمسوها بسوء.
والمحْتضر بفتح الضاد اسم مفعول من الحضور وهو ضد الغيبة. والمعنى : محتضر عنده فحذف المتعلققِ لظهوره. وهذا من جملة ما أُمر رسولهم بأن ينبئهم به، أي لا يحضُر القوم في يوم شِرب الناقة، وهي بإلهاممِ الله لا تحضر في أيام شرب القوم. والشِّرب بكسر الشين : نوبة الاستقاء من الماء. فنادَوا صاحبهم الذي أغروه بقتلها وهو قُدار بضم القاف وتخفيف الدال بنُ سالف. ويعرف عند العرب بأحمر، قال زهير :
فَتُنْتِجْ لكم غلمانَ أشأَمَ كلَّهم
كأحمرِ عَاد ثم تُرضع فَتفْطِم
يريد أحمر ثمود لأن ثموداً إخوة عاد ( ولم أقف على سبب وصفه بأحمر وأحسب أنه لبياض وجهه ). وفي الحديث بُعثت إلى الأحمر والأسود، وكان قُدار من سَادتهم وأهل العزة منهم، وشبههُ النبي بأبي زمعة يعني الأسودَ بن المطلب بن أسد في قوله : فانتدب لها رجل ذو منعة في قومه كأبي زمعة ( أي فأجاب نداءهم فَرماها بنبل فقتلها ).
وعبر عنه بصاحبهم للإِشارة إلى أنهم راضون بفعله إذ هم مصاحبون له وممالئون.
ونداؤهم إياه نداء الإِغراء بالناقة وإنما نادوه لأنه مشتهر بالإِقدام وقلة المبالاة لعزته.
وتعاطى ( مطاوع عاطاه وهو مشتق من : عطَا يعطو، إذا تناول. وصيغة تفاعل تقتضي تعدد الفاعل، شبه تخوف القوم من قتلها لما أنذرهم به رسولهم من