" صفحة رقم ٢١٥ "
( ٤٧، ٤٨ )
هذا الكلام بيان لقوله :( والساعة أدهى وأمر ( ( القمر : ٤٦ ). واقتران الكلام بحرف ) إن ( لفائدتين ؛ إحداهما : الاهتمام بصريحه الإِخباري، وثانيهما : تأكيد ما تضمنه من التعريض بالمشركين، لأن الكلام وإن كان موجهاً للنبيء ( ﷺ ) وهو لا يشك في ذلك فإن المشركين يبلغهم ويشيع بينهم وهم لا يؤمنون بعذاب الآخرة فكانوا جديرين بتأكيد الخبر في جانب التعريض فتكون ) إنّ ( مستعملة في غرضيها من التوكيد والاهتمام.
والتعبير عنهم ب ) المجرمين ( إظهار في مقام الإِضمار لإِلصاق وصف الإِجرام بهم.
والضلال : يطلق على ضد الهدى ويطلق على الخُسران، وأكثر المفسرين على أن المراد به هنا المعنى الثاني. فعن ابن عباس : المراد الخسران في الآخرة، لأن الظاهر أن ) يوم يسحبون في النار ( طرف للكون في ضلال وسعُر على نحو قوله تعالى :( يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذٍ واجفة ( ( النازعات : ٦ ٨ )، وقوله :( ويوم القيامة هم من المقبوحين ( ( القصص : ٤٢ ) فلا يناسب أن يكون الضلال ضد الهدى.
ويجوز أن يكون ) يوم يسحبون ( ظرفاً للكون الذي في خبر ) إن (، أي كائنون في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار. فالمعنى : أنهم في ضلال وسعر يوم القيامة و ) سُعُر ( جمع سعير، وهو النار، وجُمع السعير لأنه قوي شديد.
والسحْبُ : الجَرّ، وهو في النار أشد من ملازمة المكان لأنه به يتجدد مماسة نار أخرى فهو أشد تعذيباً.
وجُعل السحْب على الوجوه إهانة لهم.
و ) ذوقوا مس سقر ( مقول قول محذوف، والجملة مستأنفة. والذوق مستعار للإِحساس.