" صفحة رقم ٢٢١ "
في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق ( ( الزمر : ٦ ) فكل خلق منها يحصل بكلمة واحدة كلمح البصر على أن بعض المخلوقات تتولد منه أشياء وآثار فيعتبر تكوينه عند إيجاد أوّله.
وصح الإِخبار عن ( أمر ) وهو مذكَّر ب ) واحدة ( وهو مؤنث باعتبار أن ما صْدَق الأمر هنا هو أمر التسخير وهو الكلمة، أي كلمة ( كن ).
وقوله :( كلمح بالبصر ( في موضع الحال من ) أمرنا ( باعتبار الإِخبار عنه بأنه كلمة واحدة، أي حصول مرادنا بأمرنا كلمح بالبصر، وهو تشبيه في سرعة الحصول، أي ما أمرنا إلا كلمة واحدة سريعة التأثير في المتعلّقةِ هي به كسرعة لمح البصر.
وهذا التشبيه في تقريب الزمان أبلغ ما جاء في الكلام العربي وهو أبلغ من قول زهير :
فهن وَوادِي الرسِّ كاليد للفَم
وقد جاء في سورة النحل ) وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب فزيد هنالك أو هو أقرب ( لأن المقام للتحذير من مفاجأة الناس بها قبل أن يستعدوا لها فهو حقيق بالمبالغة في التقريب، بخلاف ما في هذه الآية فإنه لتمثيل أمْر الله وذلك يكفي فيه مجرد التنبيه إذ لا يتردد السامع في التصديق به.
وقد أفادت هذه الآية إحاطة علم الله بكل موجود وإيجادَ الموجودات بحكمة، وصدورها عن إرادة وقدرة.
واللمح : النظر السريع وإخلاس النظر، يقال : لَمحَ البصر، ويقال : لَمح البرق كما يقال : لمعَ البرق. ولما كان لمح البصر أسرع من لمح البرق قال تعالى :( كلمح بالبصر ( كما قال في سورة النحل ) إلا كلمح البصر.


الصفحة التالية
Icon