" صفحة رقم ٢٣٤ "
صرفوا جزءاً كبيراً من بيانهم فيما يلهيهم عن إفراد الله بالعبادة وفيما ينازعون به من يدعوهم إلى الهدى.
جملة هي خبر رابع عن الرحمن وإلاّ كان ذِكره هنا بدون مناسبة فينقلب اعتراضاً. ورابط الجملة بالمبتدأ تقديره : بحسبانه، أي حسبان الرحمن وضبطه.
وهذا استدلال على التفرد بخلق كوكب الشمس وكرة القمر وامتنان بما أودع فيهما من منافع للناس، ونظام سيرهما الذي به تدقيق نظام معاملات الناس واستعدادهم لما يحتاجون إليه عند تغيرات أجْوَائِهم وأرزاقهم. ويتضمن الامتنان بما في ذلك من منافعهم. وفي كون هذا الخبر جارياً على أسلوب التعديد ما قد علمت آنفاً من التبكيت، ووجهه أنهم غفلوا عما في نظام الشمس والقمر من الحكمة وما يَدل عليه ذلك النظام من تفرد الله بتقديره، فاشتغل بعضهم بعبادة الشمس وبعضهم بعبادة القمر كما قال تعالى :( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ( ( فصلت : ٣٧ ).
وجيء بهذه الجملة اسمية للتهويل بالابتداء باسم الشمس والقمر، وللدلالة على أن حسبانهما ثابت لا يتغير منذ بدء الخلق مؤذن بحكمة الخالق. واستغني بجعل اسم الشمس والقمر مسنداً إليهما عن تفكيك المسند إلى مسندين : أحدهما : يدل على الاستدلال، والآخر يدل على الامتنان، كما وقع في قوله :( خلق الإنسان علمه البيان ( ( الرحمن : ٣، ٤ ).
والحُسبان : مصدر حسَب بمعنى عد مثل الغفران.
والباء للملابسة وهي ظرف مستقر هو خبر عن الشمس والقمر، والتقدير : كائنان بحسبان، أي بملابسة حسبان، أي لحساب الناس مواقع سيرهما.
وإسناد هذه الملابسة إلى الشمس والقمر مجازي عقلي لأن الشمس والقمر


الصفحة التالية
Icon