" صفحة رقم ٢٣٧ "
يَكُبُّ على الأذ
قان وْحَ الكَنَهْبَلِ
فقال : على الأذقان، ليكون الانكباب مشبهاً بسقوط الإنسان على الأرض بوجهه ففيه استعارة مكنية، وذكر الأذقان تخييل، وعليه يكون فعل يسجدان ( هنا مستعملاً في مجازه، وذلك يفيد أن الله خلق في الموجودات دلالات عِدَّةً على أن الله مُوجدها ومُسخرها، ففي جميعها دلالات عقلية، وفي بعضها أو معظمها دلالات أخرى رمزية وخيالية لتفيد منها العقول المتفاوتة في الاستدلال.
( ٧ ٩ )
اطّرد في هذه الآية أسلوب المقابلة بين ما يُشبه الضدين بعد مقابلةِ ذِكر الشمس والقمرِ بذِكر النجممِ والشجر، فجيء بِذكر خلق السماء وخلق الأرض.
وعاد الكلام إلى طريقة الإِخبار عن المسند إليه بالمسند الفعلي كما في قوله :( الرحمن علم القرآن ( ( الرحمن : ١، ٢ )، وهذا معطوف على الخبر فهو في معناه.
ورفع السماء يقتضي خلقَها. وذُكر رفعها لأنه محل العبرة بالخلق العجيب. ومعنى رفعها : خلقُها مرفوعة إذ كانت مرفوعة بغير أعمدة كما يقال للخياط : وسّع جيب القميص، أي خِطْه واسعاً على أن في مجرد الرفع إيذاناً بسموّ المنزلة وشرفها لأن فيها منشأَ أحكام الله ومصدرَ قضائه، ولأنها مكان الملائكة، وهذا من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه.
وتقديم السماء على الفعل الناصب له زيادةٌ في الاهتمام بالاعتبار بخلقها.
و ) الميزان ( : أصله اسمُ آلة الوزن، والوزن تقديرُ تعادُللِ الأشياء وضبط مقادير ثقلها وهو مِفعال من الوزن، وقد تقدم في قوله تعالى :( والوزن يومئذٍ الحق فمن ثقلت موازينه في سورة الأعراف، وشاع إطلاق الميزان على العدل باستعارة لفظ الميزان للعدل على وجه تشبيه المعقول بالمحسوس.


الصفحة التالية
Icon