" صفحة رقم ٢٣٩ "
ولفظ ) الميزان ( يسمح بإرادة المعنيين على طريقة استعمال المشترك في معنييه. وفي لفظ الميزان وما قارنه من فعل ) وضع ( وفعلي ) لا تَطْغَوْا ( و ) أقيموا ( وحرف الباء في قوله :( بالقسط ( وحرف ) في ( من قوله :( في الميزان ( ولفظ ) القسط (، كل هذه تظاهرت على إفادة هذه المعاني وهذا من إعجاز القرآن.
والطغيان : دحض الحق عمداً واحتقاراً لأصحابه، فمعنى الطغيان في العدل الاستخفاف بإضاعته وضعف الوازع عن الظلم. ومعنى الطغيان في وزن المقدرات تطفيفه.
و ) في ( من قوله :( في الميزان ( ظرفية مجازية تفيد النهي عن أقل طغيان على الميزان، أي ليس النهي عن إضاعة الميزان كله بل النهي عن كل طغيان يتعلق به على نحو الظرفية في قوله تعالى :( وارزقوهم فيها واكسوهم ( ( النساء : ٥ )، أي ارزقوهم من بعضها وقول سَبرة بننِ عَمْرو الفقعسي :
سَبرةَ بننِ عَمْرو الفقعسي
ونَشرب في أثمانها ونُقامر
إذْ أراد أنهم يشربون الخمر ببعض أثمان إبلهم ويقامرون، أي أن لهم فيها منافع أخرى وهي العطاء والأكل منها لقوله في صدر البيت :
نُحابي بها أكفاءنا ونُهينُها
وقوله تعالى :( وأقيموا الوزن بالقسط ( عطف على جملة ) ألا تطغوا في الميزان ( على احتمال كون المعطوف عليها تفسيرية. وعلى جملة ) ووضع الميزان ( على احتمال كون المعطوف عليها تعليلاً.
والإِقامة : جعل الشيء قائماً، وهو تمثيل للإِتيان به على أكمل ما يراد له وقد تقدم عند قوله :( ويقيمون الصلاة في سورة البقرة.
والوزن حقيقته : تحقيق تعادل الأجسام في الثقل، وهو هنا مراد به ما يشمل تقدير الكميات وهو الكيل والمقياس. ٍ


الصفحة التالية
Icon