" صفحة رقم ٢٥٩ "
والمعنى : إن قَدَرْتُم على الانفلات من هذا الموقف فافلتوا. وهذا مؤذن بالتعريض بالتخويف مما سيظهر في ذلك الموقف من العقاب لأهل التضليل.
والأقطار : جمع قُطر بضم القاف وسكون الطاء وهو الناحية الواسعة من المكان الأوسع، وتقدم في قوله تعالى :( ولو دخلت عليهم من أقطارها في سورة الأحزاب.
وذكر السماوات والأرض لتحقيق إحاطة الجهات كلها تحقيقاً للتعجيز، أي فهذه السماوات والأرض أمامكم فإن استطعتم فاخرجوا من جهة منها فراراً من موقفكم هذا، وذلك أن تعدد الأمكنة يسهل الهروب من إحدى جهاتها.
والأرض المذكورة هنا إما أن تكون الأرض التي في الدنيا وذلك حين البعث، وإما أن تكون أرض الحشر وهي التي سماها القرآن الساهرة في سورة النازعات، وقال تعالى : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ( ( إبراهيم : ٤٨ )، وإما أن يكون ذلك جارياً مجرى المثل المستعمل للمبالغة في إحاطة الجهات كقول أبي بكر الصديق :( أيُّ أرض تقلني، وأيُّ سماء تُظلني ).
وهذه المعاني لا تتنافى، وهي من حدّ إعجاز القرآن.
وجملة ) لا تنفذون إلاَّ بسلطان ( بيان للتعجيز الذي في الجملة قبله فإن السلطان : القدرة، أي لا تنفذون من هذا المأزق إلا بقدرة عظيمة تفوق قدرة الله الذي حشركم لهذا الموقف، وأنَّى لكم هاته القوة.
وهذا على طريق قوله :( وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون ( ( الشعراء : ٢١٠، ٢١١ )، أي ما صعدوا إلى السماء فيتنزَّلوا به.
القول فيه كالقول في نظيره المذكور قبله.


الصفحة التالية
Icon