" صفحة رقم ٢٦٨ "
والاتكاء : جِلسة أهل الترف المخدومين لأنها جلسة راحة وعدم احتياج إلى النهوض للتناول نحوه وتقدم في سورة الكهف.
والبطائن : جمع بِطانة بكسر الباء وهي مشتقة من البطن ضد الظهر من كل شيء، وهو هنا مجاز عن الأسفل. يقال للجهة السفلى : بطن، وللجهة العليا ظهر، فيقال : بَطَّنْت ثوبي بآخر إذا جعل تحت ثوبه آخرَ، فبطانة الثوب داخله وما لا يَبدو منه، وضد البطانة الظِّهارة بكسر الظاء، ومن كلامهم : أفرشني ظهر أمره وبطنه، أي علانيته وسِرّه، شبهت العلانية بظهر الفراش والسِرّ ببطن الفراش وهما الظِهارة والبطانة، ولذلك أتبع هذا التشبيه باستعارة فعل : أفرشني. فالبطانة : هي الثوب الذي يجعل على الفراش والظهارة : الثوب الذي يجعل فوق البطانة ليظهر لرؤية الداخل للبيت فتكون الظهارة أحسن من البطانة في الفراش الواحد.
والعرب كانوا يجعلون الفراش حَشية، أي شيئاً محشواً بصوف أو قطن أو ليف ليكون أوثر للجنب، قال عنترة يصف تنعم عَبلة :
تُمسي وتُصبح فوق ظهر حشِيّةٍ
وأَبِيتُ فوقَ سَراة أدهم مُلجم
فإذا وضعوا على الحشية ثوباً أو خاطوها بثوب فهو البطانة، وإذا غطوا ذلك بثوب أحسن منه فهو الظِهارة.
فالمعنى هنا : أن بطائن فرش الجنة من استبرق فلا تَسأل عن ظهائرها فإنها أجود من ذلك، ولا ثوب في الثياب المعروفة عند الناس في الدنيا أنفس من الاستبرق البطائن بالذكر كناية عن نفاسة وصف ظهائر الفرش.
والاستبرق : صنف رفيع من الديباج الغليظ. والديباجُ : نسيج غليظ من حرير والاستبرق ينسج بخيوط الذهب. قال الفخر : وهو معرب عن الفارسية عن كلمة ( سْتبرك ) بكاف في آخره علامة تصغير ( ستبر ) بمعنى ثخين، وقد تقدم في سورة الكهف، فأبدلوا الكاف قافاً خشية اشتباه الكاف بكاف الخطاب، والذي في القاموس } : الإِستبرق : الديباج الغليظ معرب ( اسْتَرْوَه )، وقد


الصفحة التالية
Icon