" صفحة رقم ٢٧٧ "
وأما قوله :( فسبح باسم ربك العظيم ( ( الواقعة : ٩٦ ) فهو يحتمل أن يكون من قبيل ) فسبح بحمد ربك ( ( النصر : ٣ ) على أن المراد أن يقول كلاماً فيه تنزيه الله فيكون من قبيل قوله :( بسم الله الرحمن الرحيم، ( ( الفاتحة : ١ ) ويحتمل زيادة الباء فيكون مساوياً لقوله :( سبح اسم ربك الأعلى ( ( الأعلى : ١ ).
وهذه الكناية من دقائق الكلام كقولهم : لا يتعلق الشك بأطرافه وقول... :
يبيت بنجاةٍ من اللؤم بيتُها
إذا ما بيوت بالملامة حُلّت
ونظير هذا في التنزيه أن القرآن يَقْرأ ألفاظه من ليس بمتوضىء ولا يمسك المصحف إلا المتوضىءُ عند جمهور الفقهاء.
فذكر ) اسم ( في قوله :( تبارك اسم ربك ( مراعىً فيه أن ما عُدّد من شؤون الله تعالى ونعمه وإفضاله لا تحيط به العبارة، فعبّر عنه بهذه المبالغة إذ هي أقصى ما تسمح به اللغة في التعبير، ليعلم الناس أنهم محقوقون لله تعالى بشكرٍ يوازي عظم نعمه عليهم.
وفي استحضار الجلالة بعنوان ( رب ) مضافاً إلى ضمير المخاطب وهو النبي ( ﷺ ) إشارة إلى ما في معنى الرب من السيادة المشوبة بالرأفة والتنمية، وإلى ما في الإضافة من التنويه بشأن المضاف إليه وإلى كون النبي ( ﷺ ) هو الواسطة في حصول تلك الخيرات للذين خافوا مقام ربهم بما بلغهم النبي ( ﷺ ) من الهدى.
وقرأ الجمهور ) ذي الجلال ( بالياء مجروراً صفة ل ) ربك ( وهو كذلك مرسوم في غير المصحف الشامي. وقرأه ابن عامر ) ذو الجلال ( صفة ل ) اسم ( كما في قوله :( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ( ( الرحمن : ٢٧ ). وكذلك هو مرسوم في غير مصحف أهل الشام. والمعنى واحد على الاعتبارين.
ولكن إجماع القراء على رفع ) ذو الجلال ( الواقع موقع ) ويبقى وجه ربك ( واختلاف الرواية في جرّ ) ذي الجلال ( هنا يشعر بأن لفظ ) وجه ( أقوى دلالة على الذات من لفظ ) اسم ( لما علمت من جواز أن يكون المعنى جريان البركة


الصفحة التالية
Icon