" صفحة رقم ٢٩١ "
أهل عناد وكفر ولم يكن المؤمنون فيهم إلا قليلاً كما تنبىء به آيات كثيرة من القرآن.
ووصف المؤمنون من بعض الأمم عند أقوامهم بالمستضعفين، وبالأرذلين، وبالأقلين.
ولا جرم أن المراد بالآخرين الأمة الأخيرة وهم المسلمون.
فالسابقون طائفتان طائفة من الأمم الماضين ومجموع عددها في ماضي القرون كثير مثل أصحاب موسى عليه السلام الذين رافقوه في التيه، ومثل أصحاب أنبياء بني إسرائيل، ومثل الحواريين، وطائفة قليلة من الأمة الإسلامية وهم الذين أسرعوا للدخول في الإسلام وصحبوا النبي ( ﷺ ) كما قال تعالى :( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ( ( التوبة : ١٠٠ )، وإذ قد كانت هذه الآية نزلت قبل الهجرة فهي لا يتحقق مفادها إلا في المسلمين الذين بمكة.
و ) مِن ( تبعيضية كما هو بيّن، فاقتضى أن السابقين في الأزمنة الماضية وزمان الإسلام حاضِره ومستقبله بعض من كلًّ، والبعضية تقتضي القلة النسبية ولفظ ) ثلة ( مشعر بذلك ولفظ ) قليل ( صريح فيه.
وإنما قوبل لفظ ) ثلة ( بلفظ ) قليل ( للإِشارة إلى أن الثلة أكثر منه. وعن الحسن أنه قال : سابقو من مضى أكثر من سابقينا.
وروي عن أبي هريرة ( أنه لما نزلت :( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ( شقّ ذلك على أصحاب النبي ( ﷺ ) وحزنوا وقالوا : إذن لا يكون من أمة محمد إلا قليل، فنزلت نصف النهار ) ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ( ( الواقعة : ٣٩، ٤٠ ) فنسخت :( وقليل من الآخرين ( ).
وهذا الحديث مشكل ومجمل فإن هنا قسمين مشتبهين، والآية التي فيها ) وثلّة من الآخرين ( ( الواقعة : ٤٠ ) ليست واردة في شأن السابقين فليس في الحديث دليل على


الصفحة التالية
Icon