" صفحة رقم ٣١٩ "
فالعلم المنفي في قوله :( فيما لا تعلمون ( ( الواقعة : ٦١ )، هو العلم التفصيلي، والعلم المثبت في قوله :( ولقد علمتم النشأة الأولى ( هو العلم الإجمالي، والإجمالي كاففٍ في الدلالة على التفصيلي إذ لا أثر للتفصيل في الإعتقاد.
وفي المقابلة بين قوله :( في ما لا تعلمون ( ( الواقعة : ٦١ ) بقوله :( ولقد علمتم ( محسّن الطباق.
ولما كان علمهم بالنشأة الأولى كافياً لهم في إبطال إحالتهم النشأة الثانية رتب عليه من التوبيخ ما لم يرتب مثله على قوله :( وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون ( ( الواقعة : ٦٠، ٦١ ) فقال :( فلولا تذكرون (، أي هلا تذكرتم بذلك فأمسكتم عن الجحد، وهذا تجهيل لهم في تركهم قياس الأشباه على أشباهها، ومثله قوله آنفاً :( نحن خلقناكم فلولا تصدقون ( ( الواقعة : ٥٧ ).
وجيء بالمضارع في قوله :( تذكرون ( للتنبيه على أن باب التذكر مفتوح فإن فاتهم التذكر فيما مضى فليتداركوه الآن.
وقرأ الجمهور ) النشأة ( بسكون الشين تليها همزة مفتوحة مصدر نشأ على وزن المرة وهي مرة للجنس. وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وحده بفتح الشين بعدها ألف تليها همزة، وهو مصدر على وزن الفَعَالة على غير قياس، وقد تقدم في سورة العنكبوت.
( ٦٣، ٦٤ )
انتقال إلى دليل آخر على إمكان البعث وصلاحية قدرة الله له بضرب آخر من ضروب الإِنشاء بعد العدم.
فالفاء لتفريع ما بعدها على جملة :( نحن خلقناكم فلولا تصدقون ( ( الواقعة : ٥٧ ) كما فرع عليه قوله :( أفرأيتم ما تمنون ( ( الواقعة : ٥٨ ) ليكون الغرض من هذه الجمل متحداً وهو الاستدلال على إمكان البعث، فقصد تكرير الاستدلال وتعداده بإعادة جملة


الصفحة التالية
Icon