" صفحة رقم ٣٢٤ "
على بلادكم وحروثكم. وماء المطر هو معظم شراب العرب المخاطبين حينئذٍ ولذلك يقال للعرب : بنو ماء السماء.
والمزن : اسم جمع مُزنة وهي السحابة.
ووجه الاستدلال إنشاء ما به الحياة بعد أن كان معدوماً بأن كوّنه الله في السحاب بحكمة تكوين الماء. فكما استُدل بإيجاد الحي من أجزاء ميتة في خلق الإنسان والنبات استُدل بإيجاد ما به الحياة عن عدم تقريباً لإِعادة الأجسام بحكمة دقيقة خفية، أي يجوز أن يمطر الله مطراً على ذوات الأجساد الإنسانية يكون سبباً في تخلقها أجساداً كاملة كما كانت أصولها، كما تتكوّن الشجرة من نواةِ أصلِها، وقد تم الاستدلال على البعث عند قوله :( أم نحن المنزلون ).
وقوله :( أأنتم أنزلتموه من المزن ( جعل استدلالاً منوطاً بإنزال الماء من المزن، على طريقة الكناية بإنزاله، عن تكوينه صالحاً للشراب، لأن إنزاله هو الذي يحصل منه الانتفاع به ولذلك وصف بقوله :( الذي تشربون ). وأعقب بقوله ) لو نشاء جعلناه أجاجاً ( ( الواقعة : ٧٠ ) فحصل بين الجملتين احتباك كأنه قيل : أأنتم خلقتموه عَذْباً صالحاً للشرب وأنزلتموه من المزن لو نشاء جعلناه أجاجاً ولأمسكناه في سحاباته أو أنزلناه على البحار أو الخلاء فلم تنتفعوا به.
موقعها كموقع جملة ) لو نشاء لجعلناه حطاماً ( ( الواقعة : ٦٥ ) والمعنى : لو نشاء جعلناه غير نافع لكم. فهذا استدلال بأنه قادر على نقض ما في الماء من الصلاحية للنفع بعد وجود صورة المائية فيه. فوزان هذا وزانُ قوله :( نحن قدرنا بينكم الموت ( ( الواقعة : ٦٠ ) وقوله :( لو نشاء لجعلناه حطاماً ( ( الواقعة : ٦٥ ).
وتخلص من هذا التتميم إلى الامتنان بقوله :( فلولا تشكرون ( تحْضيضاً لهم على الشكر ونبذ الكفر والشرك.
وحذفت اللام التي شأنها أن تدخل على جواب ) لو ( الماضي المثبت لأنها لام زائدة لا تفيد إلا التوكيد فكان حذفها إيجازاً في الكلام.