" صفحة رقم ٣٣٨ "
والمراد ب ) الحديث ( إخبار الله تعالى بالقرآن وإرادة القرآن من مثل قوله :( أفبهذا الحديث ( واردة في القرآن، أي في قوله في سورة القلم ) فذرني ومن يكذب بهذا الحديث وقوله في سورة النجم أفمن هذا الحديث تعجبون.
ويكون العدول عن الإضمار إلى اسم الإشارة بقوله : أفبهذا الحديث ( دون أن يقول : أفَبِهِ أنتم مُدْهنون، إخراجاً للكلام على خلاف مقتضى الظاهر لتحصل باسم الإشارة زيادة التنويه بالقرآن.
وأما الفخر فجعل الإِشارة من قوله :( أفبهذا الحديث ( إشارة إلى ما تحدثوا به من قبل في قوله تعالى :( وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً إنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون ( ( الواقعة : ٤٧، ٤٨ )، فإن الله رد عليهم ذلك بقوله :( قل إن الأولين والآخرين ( ( الواقعة : ٤٩ ) الآية. وبين أن ذلك كله إخبار من الله بقوله :( إنه لقرآن كريم ( ( الواقعة : ٧٧ ) ثم عاد إلى كلامهم فقال : أفبهذا الحديث الذي تتحدثون به أنتم مدهنون لأصحابكم اه، أي على معنى قوله تعالى :( وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودة بينكم في الحياة الدنيا ( ( العنكبوت : ٢٥ ).
وإنه لكلام جيّد ولو جَعل المراد من ( هذا الحديث ) جميع ما تقدم من أول السورة أصلاً وتفريعاً، أي من هذا الكلام الذي قرع أسماعكم، لكان أجود. وإطلاق الحديث على خبر البعث أوضح لأن الحديث يراد به الخبر الذي صار حديثاً للقوم.
والتعريف في ) الحديث ( على كلا التفسيرين تعريف العهد.
والمُدهِن : الذي يُظهر خلاف ما يبطن، يقال : أدهن، ويقال : دَاهنَ، وفسر أيضاً بالتهاون وعدم الأخذ بالحزم، وفسر بالتكذيب.
والاستفهام على كل التفاسير مستعمل في التوبيخ، أي كلامكم لا ينبغي إلا أن يكون مداهنة كما يقال لأحد قال كلاماً باطلاً : أتهزأ، أي قد نهض برهان صدق القرآن بحيث لا يكذب به مكذب إلا وهو لا يعتقد أنه كذب لأن حصول العلم بما قام عليه البرهان لا يستطيع صاحبُه دفعه عن نفسه، فليس إصراركم