" صفحة رقم ٣٤٠ "
رزقاً تعين بدلالة الاقتضاء تقدير محذوف يفيده الكلام فقدره المفسرون : شُكْر رزقكم، أو نحوه، أي تجعلون شكر الله على رزقه إياكم أن تكذبوا بقدرته على إعادة الحياة، لأنهم عدلوا عن شكر الله تعالى فيما أنعم به عليهم فاستنقصوا قدرته على إعادة الأجسام، ونسبوا الزرع لأنفسهم، وزعموا أن المطر تمطره النجوم المسماة بالأنواء فلذلك قال ابن عباس : نزلت في قولهم : مُطرنا بنوء كذا، أي لأنهم يقولونه عن اعتقاد تأثير الأنواء في خَلْق المطر، فمعنى قول ابن عباس : نزلت في قولهم : مطرنا بنوء كذا، أنه مراد من معنى الآية.
قال ابن عطية : أجمع المفسرون على أن الآية توبيخ للقائلين في المطر الذي ينزله الله رزقاً : هذا بنوء كذا وكذا اه.
أشار هذا إلى ما روي في ( الموطأ ) عن زيد بن خالد الجهني قال : صلّى لنا رسول الله ( ﷺ ) صلاة الصبح بالحديبية على إثْر سماء فلما انصرف النبي ( ﷺ ) أقبل على الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قالَ : قَال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال : مُطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مطرنا بِنَوْءِ كذا ونوء كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب، وليس فيه زيادة فنزلت هذه الآية ولو كان نزولها يومئذٍ لقاله الصحابي الحاضر ذلك اليوم.
ووقع في ( صحيح مسلم ) عن ابن عباس أنه قال :( مطر الناس على عهد النبي ( ﷺ ) فقال النبي أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر، قالوا : هذه رحمة الله، وقال بعضهم : لقد صَدق نَوْء كذا وكذا. قال فنزلت :( فلا أقسم بمواقع النجوم ( ( الواقعة : ٧٥ ) حتى بلغ ) وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ( فزاد على ما في حديث زيد بن خالد قوله فنزلت :( فلا أقسم ( الخ.
وزيادة الراوي مختلف في قبولها بدون شرط أو بشرط عدم اتحاد المجلس، أو بشرط أن لا يكون ممن لا يغفل مثلُه عن مثل تلك الزيادة عادةً وهي أقوال لأئمة الحديث وأصول الفقه، وابن عباس لم يكن في سن أهل الرواية في مدة نزول هذه السورة بمكة فعل قوله : فنزلت تأويل منه، لأنه أراد أن الناس مُطرواً في مكة