" صفحة رقم ٣٤٥ "
وجملة ) إن كنتم صادقين ( بيان لجملة ) إن كنتم غير مدينين ( وعلى التفسير الأول لمعنى ) مدينين ( يكون وجه إعادة هذا الشرط مع أنه مما استفيد بقوله :( إن كنتم غير مدينين ( هو الإيماء إلى فرض الشرط في قوله :( إن كنتم غير مدينين ( بالنسبة لما في نفس الأمر وأن الشرط في قوله :( إن كنتم صادقين ( هو فرض وتقدير لا وقوع له نفي البعث، وعلى الوجه الثاني يرجع قوله :( إن كنتم صادقين ( إلى ما أفاده التحضيض، وموقع فاء التفريع من إرادة أن قبض الأرواح لتأخيرها إلى يوم الجزاء، أي إن كنتم صادقين في نفي البعث والجزاء.
وضمير التأنيث في قوله :( ترجعونها ( عائد إلى الروح الدال عليه التاء في قوله :( إذا بلغت الحلقوم ).
ومعنى الاستدراك في ) ولكن لا تبصرون ( راجع إلى قوله :( ونحن أقرب إليه منكم ( لرفع توهم قائل : كيف يكون أقرب إلى المحتضر من العوّاد الحافين حوله وهم يرون شيئاً غيرهم يدفع ذلك بأنهم محجوبون عن رؤية أمر الله تعالى.
وجملة ) ولكن لا تبصرون ( معترضة، والواو اعتراضية. ومفعول ) تبصرون ( محذوف دلّ عليه قوله :( ونحن أقرب إليه ).
ومعنى ) مدينين ( مُجَازَيْنَ على أعمالكم. وعلى هذا المعنى حمله جمهور المتقدمين من المفسرين ابن عباس ومجاهد وجابر بن زيد والحسن وقتادة، وعليه جمهور المفسرين من المتأخرين على الإِجمال، وفسره الفراء والزمخشري ) مدينين ( بمعنى : عبيد لله، من قولهم : دَان السلطان الرعية، إذا ساسهم، أي غير مرْبوبين وهو بعيد عن السياق.
واعلم أن قوله :( إن كنتم غير مدينين ( فرض وتقدير فَ ) إنْ ( فيه بمنزلة ( لو )، أي لو كنتم غير مدينين، أي غير مجزيين على الأعمال.
وأسند فعل ) إن كنتم غير مدينين ( إلى المخاطبين بضمير المخاطبين، دون أن يقول : إن كان الناس غير مدينين لأن المخاطبين هم الذين لأجل إنكارهم البعث سيق هذا الكلام. والمعنى : لو كنتم أنتم وكان الناس غير مدينين لما أخرجت