" صفحة رقم ٣٦٩ "
عن تجهيز جيش العُسرة كما قال تعالى :( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض إلى قوله : ويقبضون أيديهم ( ( التوبة : ٦٧ )، فهم إذا سمعوا الخطاب علموا أنهم المقصود على نحو ما في آيات سورة براءة، ولكن يظهر أن سنَة غزوة تبوك لم يبق عندها من المنافقين عدد يعتد به فيوجه إليه خطاب كهذا.
وجيء بالموصول في قوله :( مما جعلكم مستخلفين فيه ( دون أن يقول : وأنفقوا من أموالكم أو مما رزقكم الله لما في صلة الموصول من التنبيه على غفلة السامعين عن كون المال لله جعلَ الناسَ كالخلائف عنه في التصرف فيه مدةً مَّا، فلما أمرهم بالإِنفاق منها على عباده كان حقاً عليهم أن يمتثلوا لذلك كما يمتثل الخازن أمرَ صاحب المال إذا أمره بإنفاذ شيء منه إلى من يعيِّنه.
والسين والتاء في ) مستخلفين ( للمبالغة في حصول الفعل لا للطلب لاستفادة الطلب من فعل ) جعلكم ). ويجوز أن تكون لتأكيد الطلب.
والفاء في قوله :( فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير ( تفريع وتسبب على الأمر بالإيمان والإِنفاق لإِفادة تعليله كأنه قيل لأن الذين آمنوا وأنفقوا أعددنا لهم أجراً كبيراً.
والمعنى على وجه كون الآية مكية : أن الذين آمنوا من بينكم وأنفقوا، أي سبقوكم بالإِيمان والإِنفاق لهم أجر كبير، أي فاغتنموه وتداركوا ما فاتوكم به.
و ( مِن ) للتبعيض، أي الذين آمنوا وهم بعض قومكم.
وفي هذا إغراء لهم بأن يماثلوهم.
ويجوز أن يكون فعلا المضيِّ في قوله :( فالذين آمنوا منكم وأنفقوا ( مستعملان في معنى المضارع للتنبيه عن إيقاع ذلك.
ظاهر استعمال أمثال قوله :( وما لكم لا تؤمنون ( أن يكون استفهاماً مستعملاً


الصفحة التالية
Icon