" صفحة رقم ٣٧٢ "
على اللغة المشهورة. وقرأه أبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم بدون واو بعد الهمزة وهي لغة ولعلها تخفيف، قال جرير :
يرى للمسلمين عليه حقاً
كفعل الوالد الرَّؤُف الرحيم
وتأكيد الخبر ب ) إنّ ( واللام في قوله :( وإن الله بكم لرؤوف رحيم ( لأن المشركين في إعراضهم عن دعوة الإسلام قد حسبوها إساءة لهم ولآبائهم وآلهتهم، فقد قالوا :( أهذا الذي بعث الله رسولاً إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها ( ( الفرقان : ٤١، ٤٢ ). وهذا يرجح أن قوله تعالى :( آمنوا بالله ورسوله ( ( الحديد : ٧ ) إلى هنا مكّي. فإن كانت الآية مدنيّة فلأن المنافقين كانوا على تلك الحالة.
الإِنفاق في سبيل الله بمعناه المشهور وهو الإِنفاق في عتاد الجهاد لم يكن إلا بعد الهجرة فإن سبيل الله غلب في القرآن إطلاقه على الجهاد ويؤيده قوله عقبه :( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح (، لأن الأصل أن يكون ذلك متصلاً نزوله مع هذا ولو حمل الإِنفاق على معنى الصدقات لكان مقتضياً أنها مدنية لأن الإِنفاق بهذا المعنى لا يطلق إلا على الصدقة على المؤمنين فلا يُلام المشركون على تركه.
وعليه فالخطاب موجّه للمؤمنين، فقد أعيد الخطاب بلون غير الذي ابتدىء به.
ومن لطائفه أنه موجه إلى المنافقين الذين ظَاهِرُهم أنهم مسلمون وهم في الباطن مشركون فهم الذين شحّوا بالإِنفاق.
ووجه إلحاق هذه الآية وهي مدنيّة بالمكيّ من السورة مناسبة استيعاب أحوال الممسكين عن الإِنفاق من الكفار والمؤمنين تعريضاً بالتحذير من خصال أهل الكفر إذ قد سبقها قوله :( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ( ( الحديد : ٧ ).


الصفحة التالية
Icon