" صفحة رقم ٣٩٥ "
الآية وإن كانت مدنيّة فموقعها بعد الآيات النازلة بمكة مراد لله تعالى، ويدل عليه الأمر بوضعها في موضعها هذا، ولأن التعريف في الآيات للاستغراق كما هو شأن الجمع المعرّف باللام.
والآيات : الدلائل. والمراد بها : ما يشمل مضمون قوله :( ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد ( إلى قوله :( بعد موتها ( ( الحديد : ١٦ )، وهو محل ضرب المثل لأن التنظير بحال أهل الكتاب ضرب من التمثيل.
وبيان الآيات يحصل من فصاحة الكلام وبلاغته ووفرة معانيه وتوضيحها، وكل ذلك حاصل في هذه الآيات كما علمت آنفاً. ومن أوضح البيان التنظير بأحوال المشابهين في حالة التحذير أو التحضيض.
و ) لعلكم تعقلون ( : رجاء وتعليل، أي بيّنا لكم لأنكم حالكم كحال من يرجى فهمه، والبيان علة لفهمه.
يشبه أن تكون هذه الآية من المدني وأن تكون متصلة المعنى بقوله تعالى :( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم ( ( الحديد : ١١ ) وأن آية ) ألم يأن للذين آمنوا ( ( الحديد : ١٦ ) وما بعدها معترض. وقد تخلل المكي والمدني كل مع الآخر في هذه السورة ألاَ ترى أن ألفاظ الآيتين متماثلة إذ أريد أن يعاد ما سبق من التحريض على الإِنفاق فيُؤتى به في صورة الصلة التي عُرف بها الممتثلون لذلك التحريض.
وعطف ) والمصدقات ( كما تقدم في قوله :( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات ( ( الحديد : ١٢ )، ولأن الشُحَّ يكثر في النساء كما دلت عليه أشعار العرب.
وقرأ الجمهور ) والمصّدقين ( بتشديد الصاد على أن أصله المتصدقين فأدغمت التاء في الصاد بعد قَلْبِهَا صاداً لقرب مخرجيهما تطلباً لخفة الإِدغام، فقوله :


الصفحة التالية
Icon