" صفحة رقم ٣٩٧ "
و ) الذين آمنوا ( يعم كل من ثبت له مضمون هذه الصلة وما عطف عليها.
وفي جمع ) ورسله ( تعريض بأهل الكتاب الذين قالوا : نؤمن ببعض ونكفر ببعض، فاليهود آمنوا بالله وبموسى، وكفروا بعيسى وبمحمد عليهما الصلاة والسلام، والنصارى آمنوا بالله وكفروا بمحمد ( ﷺ ) والمؤمنون آمنوا برسل الله كلهم، ولذلك وصفوا بأنهم الصدّيقون.
والصدّيق بتشديد الدال مبالغة في المُصَدِّق مثل المسِّيك للشحيح، أي كثير الإِمساك لماله، والأكثر أن يشتق هذا الوزن من الثلاثي مثل : الضلّيل، وقد يشتق من المزيد، وذلك أن الصيغ القليلة الاستعمال يتوسعون فيها كما توسع في السّميع بمعنى المُسْمِع في بيت عمرو بن معد يكرب، والحكيم بمعنى المحكم في أسماء الله تعالى، وإنما وصفوا بأنهم صدّيقون لأنهم صدّقوا جميع الرسل الحقِّ ولم تمنعهم عن ذلك عصبية ولا عناد، وقد تقدم في سورة يوسف وصفه بالصدّيق ووصفت مريم بالصدّيقة في سورة العقود.
وضمير الفصل للقصر وهو قصر إضافي، أي هم الصدّيقون لا الذين كذّبوا بعضَ الرسل وهذا إبطال لأن يكون أهل الكتاب صدّيقين لأن تصديقهم رسولهم لا جدوى له إذ لم يصدّقوا برسالة محمد ( ﷺ )
واسم الإِشارة للتنويه بشأنهم وللتنبيه على أن المشار إليهم استحقوا ما يرد بعد اسم الإِشارة من أجل الصفات التي قبل اسم الإِشارة.
يجوز أن يكون عطفاً على ) الصديقون ( عطفَ المفرد على المفرد فهو عطف على الخبر، أي وهم الشهداء. وحكي هذا التأويل عن ابن مسعود ومجاهد وزيد بن أسلم وجماعة. فقيل : معنى كونهم شهداء : أنهم شهداء على الأمم يوم الجزاء، قال تعالى :( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ( ( البقرة : ١٤٣ )، فالشهادة تكون بمعنى الخبر بما يُثبت حقاً يجازى عليه بخير أو شر.


الصفحة التالية
Icon