" صفحة رقم ٣٩٩ "
وإذ قد كان مقتضى الإضافة أن تفيد تعريف المضاف بنسبته إلى المضاف إليه وكان الأجر والنور غير معلومين للسامع كان في الكلام إبهام يكنى به عن أجر ونور عظيمين، فهو كناية عن التنويه بذلك الأجر وذلك النور، أي أجر ونور لا يوصفان إلا أجرهم ونورهم، أي أجراً ونوراً لائقَيْن بمقام، مع ضميمة ما أفادته العندية التي في قوله :( عند ربهم ( من معنى الزلفى والعناية بهم المفيد عظيم الأجر والنور.
ويجوز أن يكون ضميرا ) أجرهم ونورهم ( عائدين إلى لفظي ) الصديقون ( و ) الشهداء ( أو إلى لفظ ) الشهداء ( خاصة على ما تقدم لكن بمعنى آخر غير المعنى الذي حمل عليه آنفاً بل بمعنى الصدّيقين والشهداء ممن كانوا قبلهم من الأمم، قاله في ( الكشاف ).
ومعنى الصديقين والشهداء حينئذٍ مغاير للمعنى السابق بالعموم والخصوص على طريقة الاستخدام في الضمير. وطريقة التشبيه البليغ في حمل الخبر على المبتدأ في قوله :( لهم أجرهم ونورهم ( بتقدير : لهم مثل أجرهم ونورهم، ولا تأويل في إضافة الأجر والنور إلى الضميرين بهذا المحمل فإن تعريف المضاف بَيّن لأنه قد تقرر في علم الناس ما وُعد به الصدّيقون والشهداء من الأمم الماضية قال تعالى في شأنهم :( وكانوا عليه شهداء ( ( المائدة : ٤٤ ) وقال :( فأولئك مع الذين أنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ( ( النساء : ٦٩ ). )
وفائدة التشبيه على هذا الوجه تصوير قوة المشبه وإن كان أقوى من المشبه به لأن للأحوال السالفة من الشهرة والتحقق ما يقرِّب صورة المشبه عند المخاطب، ومنه ما في لفظ الصلاة على النبي ( ﷺ ) من التشبيه بقوله :( كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ).
تتميم اقتضاه ذكر أهل مراتب الإيمان والتنويه بهم، فأتبع ذلك بوصف


الصفحة التالية
Icon