" صفحة رقم ٤٠٤ "
تعالى :( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ( ( النحل : ٩٧ ).
يجوز أن يكون في موضع خبر من مبتدأ محذوف، أي هي كمثللِ غيث فتكون الجملة استئنافاً، وحَذفُ المسند إليه من النوع الذي سماه السكاكي ( متابعةَ الاستعمال ).
ويجوز أن يكون الكاف في موضع الحال و ) كمثل ( معناه كحال، أي حال الحياة الدنيا كحال غيث الخ، فشبهت هيئة أهل الدنيا في أحوالهم الغالبة عليهم والمشار إلى تنويعها بقوله :( لعب ولهو ( إلى آخره بهيئة غيث أنبت زرعاً فأينع ثم اصفر ثم اضمحلّ وتحطم، أي تشبيه هيئة هذه الأحوال الغالبة على الناس في الحياة في كونها محبوبة للناس مزهية لهم وفي سرعة تقضيها بهيئةِ نبات جديد أنبته غيث فاستوى واكتمل وأُعجب به من رآه فمضت عليه مدة فيبس وتحطم.
والمقصود بالتمثيل هو النبات، وإنما ابتدىء بغيث تصويراً للهيئة من مبادئِها لإِظهار مواقع الحسن فيها لأن ذلك يكتسب منه المشبه حُسناً كما فعل كعب بن زهير في تحسين أوصاف الماء الذي مُزجت به الراح في قوله :
شُجت بذي شَيم من ماء مَحنية
صاففٍ بأبطحَ أضحَى وهو مشمول
تَنفي الرياحُ القَذى عنه وأفرطَه
من صَوْب ساريةٍ بيضٌ يعاليل
وعن ابن مسعود ( أن الكفار : الزُرَّاع، جمع كافر وهو الزارع لأنه يَكفر الزريعة بتراب الأرض، والكفر بفتح الكاف الستر، أي ستر الزريعة، وإنما أوثر هذا الاسم هنا وقد قال تعالى في سورة الفتح :( يعجب الزراع، قصدا هنا للتورية بالكفار الذين هم الكافرون بالله لأنهم أشد إعجاباً بمتاع الدنيا إذ لا أمل لهم في شيء بعده. وقال جمع من المفسرين : الكفار جمع الكافر بالله لأنهم


الصفحة التالية
Icon