" صفحة رقم ٤٠٩ "
وعُلم من قوله :( أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ( أن غيرهم لاحظَ لهم في الجنة لأن معنى اعداد شيء لشيء قصره عليه.
وجَمْع الرسل هنا يشمل كل أمة آمنوا بالله وبرسولهم الذي أرسله الله إليهم، وليس يلزمها أن تؤمن برسول أرسل إلى أمة أخرى ولم يَدْع غيرها إلى الإِيمان به.
والإِشارة في ) ذلك فضل الله ( إلى المذكور من المغفرة والجنة.
( ٢٢، ٢٣ )
لما جرى ذكر الجهاد آنفاً بقوله :( لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ( ( الحديد : ١٠ ) وقوله :( والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ( ( الحديد : ١٩ ) على الوجهين المتقدمين هنالك، وجرى ذكر الدنيا في قوله :( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغروب ( ( الحديد : ٢٠ ) وكان ذلك كله مما تحدُث فيه المصائب من قتل وقطع وأسر في الجهاد، ومن كوارث تعرض في الحياة من فقد وألم واحتياج، وجرى مَثَل الحياة الدنيا بالنّبات، وكان ذلك ما يعرض له القحط والجوائح، أُتبع ذلك بتسلية المسلمين على ما يصيبهم لأن المسلمين كانوا قد تخلقوا بآداب الدنيا من قبلُ فربما لحقهم ضر أو رزء خارج عن نطاق قدرتهم وَكسبهم فأعلموا أن ذلك مما اقتضاه ارتباط أسباب الحوادث بعضها ببعض على ما سيرها عليه نظام جميع الكائنات في هذا العالم كما أشار إليه قوله تعالى :( إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ( ( الحديد : ٢٢ ) كما ستعلمه، فلم يملكهم الغم والحزن، وانتقلوا عن ذلك إلى الإقبال على ما يهمهم من الأمور ولم يلهمهم التحرق على ما فات على نحو ما وقع في قوله :( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ( ( البقرة : ١٥٤ ١٥٦ )، ولعل المسلمين قد أصابتهم


الصفحة التالية
Icon