" صفحة رقم ٤١٤ "
وجملة ) فإن الله هو الغني الحميد ( قائمة مقام جواب الشرط لأن مضمونها علة للجواب، فالتقدير : ومن يتولّ فلا يضر الله شيئاً ولا يضر الفقير لأن الله غني عن مال المتولّين، ولأن له عباداً يطيعون أمره فيحمدهم.
والغنيّ : الموصوف بالغنى، أي عدم الاحتياج. ولما لم يذكر له متعلق كان مفيداً الغنى العام.
والحميد : وصف مبالغة، أي كثير الحمد للمنفقين على نحو قوله تعالى :( يأيها الذين آمنوا من يرتدد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ( ( المائدة : ٥٤ ) الآية.
ووصفه ب ) الحميد ( هنا نظير وصفه ب ( الشكور ) وفي قوله :( إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم ( ( التغابن : ١٧ )، فإن اسمه ) الحميد ( صالح لمعنى المحمود فيكون فعيلاً بمعنى مفعول، وصالح لمعنى كثير الحمد، فيكون من أمثلة المبالغة لأن الله يثيب على فعل الخير ثواباً جزيلاً ويُثني على فاعله ثناء جميلاً فكان بذلك كثير الحمد. وقد حمله على كلا المعنيين ابن يَرَّجَان الأشبيلي في ( شرحه لأسماء الله الحسنى ) ووافقه كلام ابن العربي في ( أحكام القرآن ) في سورة الأعراف، وهو الحق. وقصره الغزالي في ( المقصد الأسنى ) على معنى ( المحمود ).
وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر ) فإن الله الغني الحميد ( بدون ضمير فصل، وكذلك هو مرسوم في مصحف المدينة ومصحف الشام. وقرأه الباقون ) فإن الله هو الغني الحميد ( بضمير فصل بعد اسم الجلالة وكذلك هو مرسوم في مصاحف مكة والبصرة والكوفة، فهما روايتان متواترتان.