" صفحة رقم ٤٢٨ "
أجرَي من آمن من أهل الكتاب. ويشرح هذا حديث أبي موسى الأشعري عن النبي في صحيح البخاري ( الذي فيه ( مثل المسلمين واليهود والنصار كمثَل رجل استأجر أَجراء يعملون له، فعملت اليهود إلى نصف النهار، وعملت النصارى من الظهر إلى العصر على قيراط، ثم عمل المسلمون من العصر إلى الغروب على قيراطين، قال فيه : واستكمَلُوا أجر الفريقين كليهما )، أي استكملوا مثل أجر الفريقين، أي أخذوا ضعف كل فريق.
وتقوى الله تتعلق بالأعمال وبالاعتقاد، وبعلم الشريعة ( وقد استدل أصحابنا على وجوب الاجتهاد للمتأهل إليه بقوله تعالى :( فاتقوا الله ما استطعتم ( ( التغابن : ١٦ ).
وقوله :( اتقوا الله ( أمر لهم بما هو وسيلة ومقدمة للمقصود وهو الأمر بقوله :( وآمنوا برسوله ).
ورتب على هذا الأمر ما هو جواب شرط محذوف وهو جملة ) يؤتكم كفلين ( الخ المجزوم في جواب الأمر، أي يؤتكم جزاءً في الآخرة وجزاء في الدنيا فجزاء الآخرة قوله :( يؤتكم كفلين من رحمته ( وقوله :( ويغفر لكم (، وجزاء الدنيا قوله :( ويجعل لكم نوراً تمشون به ).
والكِفل : بكسر الكاف وسكون الفاء : النصيب. وأصله : الأجر المضاعف، وهو معرب من الحبشية كما قاله أبو موسى الأشعري، أي يؤتكم أجرين عظيمين، وكل أجر منهما هو ضِعف الآخر مماثل له فلذلك ثُني كفلين كما يقال : زوج، لأحد المتقاربين، وهذا مثل قوله تعالى :( ربنا آتهم ضعفين من العذاب ( ( الأحزاب : ٦٨ ) وقوله :( يضاعف لها العذاب ضعفين ( ( الأحزاب : ٣٠ ). وفي الحديث الصحيح أن رسول الله ( ﷺ ) قال :( ثلاثة يوتَوْن أجورهم مرتيْن : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيئه وآمن بي، واتبعني، وصدقني فله أجران ) الحديث.
ويتعلق ) من رحمته ( ب ) يؤتكم (، و ( من ) ابتدائية مجازياً، أي ذلك من رحمة الله بكم، وهذا في جانب النصارى معناه لإِيمانهم بمحمد وإيمانهم بعيسى، أي من فضل الله وإكرامه وإلا فإن الإيمان بمحمد ( ﷺ ) واجب عليهم


الصفحة التالية
Icon