" صفحة رقم ٤٤ "
و ) أم ( منقطعة، والاستفهام الذي تقتضيه ) أم ( بعدها مستعمل في التوبيخ والتهكم. والتقدير : بل أأنتم لا تبصرون.
ومعنى ) لا تبصرون ( : لا تبصرون المرئيات كما هي في الواقع فلعلكم تزعمون أنكم لا ترون ناراً كما كنتم في الدنيا تقولون :( بيننا وبينك حجاب ( ( فصلت : ٥ ) أي فلا نراك، وتقولون :( إنما سكرت أبصارنا ( ( الحجر : ١٥ ).
وجيء بالمسند إليه مخبراً عنه بخبر فعلي منفي لإِفادة تقوّي الحكم، فلذلك لم يقل : أم لا تبصرون، لأنه لا يفيد تقوياً، ولا : أم لا تبصرون أنتم، لأن مجيء الضمير المنفصل بعد الضمير المتصل يفيد تقرير المسند إليه المحكوم عليه بخلاف تقديم المسند إليه فإنه يفيد تأكيد الحكم وتقويته وهو أشد توكيداً، وكل ذلك في طريقة التهكم.
وجملة ) اصلوها ( مستأنفة هي بمنزلة النتيجة المترقبة من التوبيخ والتغليظ السابقين، أي ادخلوها فاصطلوا بنارها يقال : صلي النار يصلاها، إذا قاسى حرها.
والأمر في ) اصلوها ( إمّا مكنًّى به عن الدخول لأن الدخول لها يستلزم الاحتراق بنارها، وإما مستعمل مجازاً في التنكيل. وفرع على ) اصلوها ( أمر للتسوية بين صبرهم على حرّها وبين عدم الصبر وهو الجزع لأن كليهما لا يخففان عنهم شيئاً من العذاب، ألا ترى أنهم يقولون :( سواء علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيض ( ( إبراهيم : ٢١ ) لأن جُرمَهم عظيم لا مطمع في تخفيف جزائه.
و ) سواء عليكم ( خبر مبتدأ محذوف، تقديره : ذلك سواء عليكم.
وجملة ) سواء عليكم ( مؤكدة لجملة ) فاصبروا أو لا تصبروا ( فلذلك فصلت عنها ولم تعطف.
وجملة ) إنما تجزون ما كنتم تعملون ( تعليل لجملة ) اصلوها ( إذ كلمة ) إنما ( مركبة من ( إنّ ) و ( ما ) الكافة، فكما يصح التعليل ب ( إنّ ) وحدها كذلك يصح التعليل بها مع ( ما ) الكافة، وعليه فجملتا ) فاصبروا أو لا


الصفحة التالية
Icon