" صفحة رقم ١٠٤ "
والإِشارة بذلك إلى المذكور من قوله :( لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ( واجتلاب اسم الإِشارة ليتميز الأمر المحكوم عليه أتم تمييز لغرابته.
والباء للسببية والمجرورُ خبر عن اسم الإِشارة، أي سبب ذلك المذكور وهو انتفاء فقاهتهم.
وإقحام لفظ ) قوم ( لما يؤذن به من أن عدم فقه أنفسهم أمر عرفوا به جميعاً وصار من مقومات قَوميتهم لا يخلو عنه أحد منهم، وقد تقدم بيان ذلك عند قوله تعالى :( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار إلى قوله : لآيات لقوم يعقلون في سورة البقرة.
والفقه : فهم المعاني الخفية، وقد تقدم عند قوله تعالى : فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً في سورة النساء، وقوله : انظر كيف نصرّف الآيات لعلّهم يفقهون في سورة الأنعام، ذلك أنهم تَبِعوا دواعي الخوف المشاهد وذهلوا عن الخوف المغيب عن أبصارهم، وهو خوف الله فكان ذلك من قلة فهمهم للخفيّات.
هذه الجملة بدل اشتمال من جملة ) لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ( ( الحشر : ١٣ )، لأن شدة الرهبة من المسلمين تشتمل على شدة التحصّن لقتالهم إياهم، أي لا يقدرون على قتالكم إلاّ في هاته الأحوال والضمير المرفوع في ) يقاتلونكم ( عائد إلى ) الذين كفروا من أهل الكتاب ( ( الحشر : ١١ ).
وقوله :( جميعاً ( يجوز أن يكون بمعنى كلهم كقوله تعالى :( إلى الله مرجعكم جميعاً ( ( المائدة : ٤٨ ) فيكون للشمول، أي كلهم لا يقاتلونكم اليهود والمنافقون إلا في قرى محصنّة الخ.
ويجوز أن يكون بمعنى مجتمعين، أي لا يقاتلونكم جيوشاً كشأن جيوش المتحالفين فإن ذلك قتال من لا يقبعون في قُراهم فيكون النفي منصّباً إلى هذا


الصفحة التالية
Icon