" صفحة رقم ١١٧ "
والخشوع : التطأطؤ والركوع، أي لرأيته ينزل أعلاه إلى الأرض.
والتصدع : التشقق، أي لتزلزل وتشقق من خوفه الله تعالى.
والخطاب في ) لرأيته ( لغير معيّن فيعمّ كل من يسمع هذا الكلام والرؤية بصرية، وهي منفية لوقوعها جواباً لحرف ) لو ( الامتناعية.
والمعنى : لو كان كذلك لرأيت الجبل في حالة الخشوع والتصدع.
وجملة ) وتلك الأمثال نضربها للناس ( تذييل لأن ما قبلها سيق مساق المثل فذُيّل بأن الأمثال التي يضربها الله في كلامه مثلَ المثل أراد منها أن يتفكروا فإن لم يتفكروا بها فقد سُجّل عليهم عنادُهم ومكابرتهم، فالإِشارة بتلك إلى مجموع ما مرّ على أسماعهم من الأمثال الكثيرة، وتقديرُ الكلام : ضربنا هذا مثلاً، ) وتلك الأمثال نضربها للناس ).
وضرب المثل سَوقه، أطلق عليه الضرب بمعنى الوضع كما يقال : ضرب بيتاً، وقد تقدم بيان ذلك عند قوله تعالى :( إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما في سورة البقرة.
لما تكرر في هذه السورة ذكر اسم الله وضمائره وصفاته أربعين مرة منها أربع وعشرون بذكر اسم الجلالة وست عشرة مرة بذكر ضميره الظاهرِ، أو صفاته العلية. وكان ما تضمنته السورة دلائل على عظيم قدرة الله وبديع تصرفه وحكمته.
وكان مما حوته السورة الاعتبارُ بعظيم قدرة الله إذْ أيد النبي ( ﷺ ) والمسلمين ونصرَهم على بني النضير ذلك النصرَ الخارق للعادة، وذِكر ما حل بالمنافقين أنصارهم وأن ذلك لأنهم شاقُّوا الله ورسوله وقوبل ذلك بالثناء على المؤمنين بالله ورسوله ( ﷺ ) الذين نصروا الدّين، ثم الأمر بطاعة الله والاستعداد ليوم الجزاء، والتحذير من الذين أعرضوا عن كتاب الله ومن سوء عاقبتهم، وختم ذلك