" صفحة رقم ١٣٤ "
فمعنى إضافة عدوّ إلى ياء التكلم على تقدير : عدوّ ديني، أو رسولي.
والاتخاذ : افتعال من الأخذ صيغ الافتعال للمبالغة في الأخذ المجازي فأطلق على التلبس والملازمة. وقد تقدم في قوله تعالى : يأيها الذين آمنوا خذوا حذركم في سورة النساء. ولذلك لزمه ذكر حال بعد مفعوله لتدل على تعيين جانب المعاملة من خير أو شر. فعومل هذا الفعل معاملة صيَّر. واعتبرت الحال التي بعده بمنزلة المفعول الثاني للزوم ذكرها وهل المفعول الثاني من باب ظن وأخواته إلا حال في المعنى، وقد تقدم عند قوله تعالى : أتتخذ أصناماً إلهة في سورة الأنعام.
وجملة تلقون إليهم بالمودة ( في موضع الحال من ضمير ) لا تتخذوا (، أو في موضع الصفة ل ) أولياء ( أو بيان لمعنى اتخاذهم أولياء.
ويجوز أن تكون جملة في موضع الحال من ضمير ) لا تتخذوا ( لأن جعلها حالاً يتوصل منه إلى التعجيب من إلقائهم إليهم بالمودة.
والإِلقاء حقيقته رمي ما في اليد على الأرض. واستعير لإيقاع الشيء بدون تدبر في موقعه، أي تصرفون إليهم مودتكم بغير تأمل. قال تعالى :( فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون في سورة النحل.
والباء في بالمودة ( لتأكيد اتصال الفعل بمفعوله. وأصل الكلام : تلقون إليهم المودة، كقوله تعالى :( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ( ( البقرة : ١٩٥ ) وقوله :( وامسحوا برؤوسكم ( ( المائدة : ٦ ) وذلك تصوير لقوة مودتهم لهم.
وزيد في تصوير هذه الحالة بجملة الحال التي بعدها وهي ) وقد كفروا بما جاءكم من الحق ( وهي حال من ضمير ) إليهم ( أو من ) عدوي ).
( وما جاءكم من الحق ) هو القرآن والدين فذكر بطريق الموصولية ليشمل كل ما أتاهم به الرسول ( ﷺ ) على وجه الإِيجاز مع ما في الصلة من الإِيذان بتشنيع كفرهم بأنه كفر بما ليس من شأنه أن يكفر به طلاب الهدي فإن الحق محبوب مرغوب.