" صفحة رقم ١٤ "
الثالث : إخباره تعالى عنه بأنه يعفو عنه ويغفر ولا يُعْفَى ويُغفر إلاّ على المذنبين.
وأقوال فقهاء الحنفية تدل على أن الظهار معصية ولم يصفه أحد من المالكية ولا الحنفية بأنه كبيرة. ولا حجة في وصفه في الآية بزور، لأن الكذب لا يكون كبيرة إلا إذا أفضى إلى مضرة.
وعَدّ السبْكي في ( جمع الجوامع ) الظهارَ من جملة الكبائر وسلمه المحلي. والكاتبون قالوا : لأن الله سماه زوراً والزور كبيرة فكون الظهار كبيرة قول الشافعية، وفيه نظر فإنهم لم يَعدوا الكذب على الإِطلاق كبيرة. وإنما عدوا شهادة الزور كبيرة.
وأعقب ) لعفو ( بقوله :( غفور ( فقوله :( وإن الله لعفو غفور ( في معنى : أن الله عفا عنهم وغفر لهم لأنه عفوّ غفور، يغفر هذا وما هو أشد.
والعفو : الكثير العفو، والعفو عدم المؤاخذة بالفعل أي عفو عن قولهم : الذي هو منكر وزور.
والغفور : الكثير الغفران، والغفران الصفح عن فاعل فعل من شأنه أن يعاقبه عليه، فذكر وصف ) غفور ( بعد وصف ( عفوّ ) تتميم لتمجيد الله إذ لا ذنب في المظاهرة حيث لم يسبق فيها نهي، ومع ما فيه من مقابلة شيئين وهما ) منكراً ( و ) زوراً (، بشيْئين هما ( عفوّ غفور ).
وتأكيد الخبر في قوله تعالى :( وإن الله لعفو غفور ( لمشاكلة تأكيد مقابله في قوله :( وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً ).
وقوله :( وإن الله لعفو غفور ( يدل على أن المظاهرة بعد نزول هذه الآية منهي عنها وسنذكر ذلك.
وقد أَومَأ قوله تعالى :( وإن الله لعفو غفور ( إلى أن مراد الله من هذا الحكم التوسعة على الناس، فعلمنا أن مقصد الشريعة الإِسلامية أن تدور أحكام الظهار على محور التخفيف والتوسعة، فعلى هذا الاعتبار يجب أن يجري الفقهاء فيما يفتون. ولذلك لا ينبغي أن تلاحظ فيه قاعدة الأخذ بالأحوط ولا قاعدة سدّ


الصفحة التالية
Icon