" صفحة رقم ١٥٣ "
والبرّ : حسن المعاملة والإِكرامُ. وهو يتعدى بحرف الجر، يقال : برّ به، فتعديته هنا بنفسه على نزع الخافض.
والقسط : العدل. وضمن ) تقسطوا ( معنى تُفضوا فعدّي ب ( إلى ) وكان حقه أن يعدَّى باللام. على أن اللام و ( إلى ) يتعاقبان كثيراً في الكلام، أي أن تعاملوهم بمثل ما يعاملونكم به من التقرب، فإن معاملة أحد بمثل ما عامل به من العدل.
وجملة و ) إن الله يحب المقسطين ( تذييل، أي يحب كل مقسط فيدخل الذين يقسطون للذين حالفوهم في الدين إذا كانوا مع المخالفة محسنين معاملتهم.
وعن ابن وهب قال : سألت ابن زيد عن قوله تعالى :( لا ينهاكم الله ( الآية قال : نسخها القتال، قال الطبري : لا معنى لقول من قال : ذلك منسوخ، لأن بر المؤمن بمن بينه وبينه قرابة من أهل الحرب أو بمن لا قرابة بينه وبينه غير محرم إذا لم يكن في ذلك دلالة على عورة لأهل الإِسلام. اه.
ويؤخذ من هذه الآية جواز معاملة أهل الذمة بالإِحسان وجواز الاحتفاء بأعيانهم.
فذلك لما تقدم وحصْر لحكم الآية المتقدمة. وهي تؤذن بانتهاء الغرض المسوق له الكلام من أوله.
والقصر المستفاد من جملة ) إنما ينهاكم الله ( إلى آخرها قصر قلب لرد اعتقاد من ظن أو شكَّ في جواز صلة المشركين على الإِطلاق. والذين تحققت فيهم هذه الصفات يوم نزول الآية هم مشركو أهل مكة، و ) أن تولوهم ( بدل اشتمال من ) الذين قاتلوكم ).