" صفحة رقم ١٥٦ "
والامتحان : الاختِبار. والمراد اختبار إيمانهن.
وجملة ) الله أعلم بإيمانهن ( معترضة، أي أن الله يعلم سرائرهنّ ولكن عليكم أن تختبروا ذلك بما تستطيعون من الدلائل.
ولذلك فرع على ما قبل الاعتراض قوله :( فإن علمتموهن مؤمنات ( الخ، أي إن حصل لكم العلم بأنهن مؤمنات غير كاذبات في دعواهن. وهذا الالتحاق هو الذي سُمي المبايعة في قوله في الآية الآتية :( يأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله ( الآية ( الممتحنة : ١٢ ).
وفي ( صحيح البخاري ) عن عائشة : أنّ رسول الله ( ﷺ ) كان يمتحن من هاجر من المؤمنات بهذه الآية يقول الله :( يأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك ( إلى قوله :( غفور رحيم ( ( الممتحنة : ١٢ ) وزاد ابن عباس فقال : كانت الممتحنة أن تستحْلف أنها ما خرجت بغضاً لزوجها، ولا رغبة من أرض إلى أرض، ولا التماس دنيا، ولا عشقاً لرجل منّا، ولا بجريرة جرتها بل حبا لله ولرسوله والدار الآخرة، فإذا حلفت بالله الذي لا إلاه إلاّ هو على ذلك أعطى النبي ( ﷺ ) زوجها مهرها وما أنفق عليها ولم يردها. وكان النبي ( ﷺ ) يأمر عمر بن الخطاب بتولّي تحليفهن فإذا تبين إيمان المرأة لم يردها النبي ( ﷺ ) إلى دار الكفر كما هو صريح الآية. ) فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ).
وموقع قوله :( لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ( موقع البيان والتفصيل للنهي في قوله :( فلا ترجعوهن إلى الكفار ( تحقيقاً لوجوب التفرقة بين المرأة المؤمنة وزوجها الكافر.
وإذ قد كان المخاطب بذلك النهي جميع المؤمنين كما هو مقتضى قوله :( يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات ( إلى آخره، تعين أن يقوم بتنفيذه من إليه تنفيذ أمُور المسلمين العامة في كل مكان وكل زمان وهم ولاة الأمور من أمراء وقضاة إذ لا يمكن أن يقوم المسلمون بما خوطبوا به من مثل هذه الأمور العامة إلاّ على هذا الوجه ولكن على كل فرد من المسلمين التزام العمل به في خاصة نفسه والتزام الامتثال لما يقرره ولاة الأمور.


الصفحة التالية
Icon