" صفحة رقم ١٥٨ "
إذ كان الرجال الكافرون يظنون أن العصمة التي لهم على أزواجهم المؤمنات مثبتة أنهم حلّ لهم.
وعبّر عن الثانية بجملة ) ولا هم يحلون لهن ( فعُكس الإِخبار بالحل إذ جعل خبراً عن ضمير الرجال، وعدي الفعل إلى المحلَّل باللام داخلة على ضمير النساء فأفاد أنهم لا يحلّ لهن أزواجهن الكافرون ولو بقي الزوج في بلاد الإِسلام.
ولهذا ذكرت الجملة الثانية ) ولا هم يحلون لهن ( كالتتمة لحكم الجملة الأولى، وجيء في الجملة الثانية بالمسند فعلاً مضارعاً لدلالته على التجدد لإِفادة نفي الطماعية في التحليل ولو بتجدده في الحال بعقد جديد أو اتفاق جديد على البقاء في دار الإِسلام خلافاً لأبي حنيفة إذ قال : إن موجب الفرقة هو اختلاف الدارين لا اختلاف الدين.
ويجوز في الآية وجه آخر وهو أن يكون المراد تأكيد نفي الحال فبعد أن قال :( لا هن حل لهم ( وهو الأصل كما علمت آنفاً أكد بجملة ) ولا هم يحلون لهن ( أي أن انتفاء الحلّ حاصل من كل جهة كما يقال : لست منك ولست مني.
ونظيره قوله تعالى :( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن في سورة البقرة تأكيداً لشدة التلبس والاتصال من كل جهة.
وفي الكلام محسّن العكس من المحسنات البديعية مع تغيير يسير بين حل ( و ) يحلون ( اقتضاه المقام، وإنّما يُوفر حظّ التحسين بمقدار ما يسمح له به مقتضى حال البلاغة.
المراد ب ) ما أنفقوا ( ما أعْطَوه من المهور، والعدول عن إطلاق اسم المهور والأجور على ما دفعه المشركون لنسائهم اللاء أسلمن من لطائف القرآن لأن أولئك النساء أصبحن غير زوجات. فألغي إطلاق اسم المهور على ما يدفع لهم.


الصفحة التالية
Icon