" صفحة رقم ١٦٠ "
يمنع منه ضمير الذكور في قوله :( ولا تمسكوا ( فهم الرجال المؤمنون والكوافر نساؤهم. ومن العجيب قول أبي علي : فبهتُ وقلتُ... الخ. وقرأ الجمهور ) ولا تمسكوا ( بضم التاء وسكون الميم وكسر السين مخففة. وقرأ أبو عمرو بضم التاء وفتح الميم وتشديد السين مكسورة مُضارع مَسك بمعنى أمسك.
عطف على قوله :( وآتوهم ما أنفقوا ( وهو تتميم لحكمه، أي كما تعطونهم مهور أزواجهم اللاء فررْنَ منهم مسلماتتٍ، فكذلك إذا فرت إليهم امرأةُ مسلم كافرة ولا قدرة لكم على إرجاعها إليكم تسألون المشركين إرجاعَ مهرها إلى زوجها المسلممِ الذي فرّت منه وهذا إنصاف بين الفريقين، والأمرُ للإِباحة.
وقوله :( وليسألوا ما أنفقوا ( تكملة لقوله :( واسألوا ما أنفقتم ( لإِفادة أن معنى واو العطف هنا على المعية بالقرينة لأن قوله :( وليسألوا ما أنفقوا ( لو أريد حكمهُ بمفرده لكان مغنياً عنه قوله :( وآتوهم ما أنفقوا (، فلما كُرر عَقب قوله :( واسألوا ما أنفقتم ( علمنا أن المراد جمع مضمون الجملتين، أي إذا أعطوا ما عليهم أعطوهم ما عليكم وإلا فلا. فالواو مفيدة معنى المعية هنا بالقرينة. وينبغي أن يحمل عليه ما قاله بعض الحنفية من أن معنى واو العطف المعية. قال إمام الحرمين في البرهان في معاني الواو :( اشتهر من مذهب الشافعي أنها للترتيب وعند بعض الحنفية أنها للمعية. وقد زَل الفريقان ) اه. وقد أشار إليه في ( مغني اللبيب ) ولم يرده. وقال المازري في ( شرح البرهان ) :( وأما قولهم : لا تأكل السمك وتشرب اللبن )، فإن المراد النهي عن تناول السمك وتناول اللبن فيكون الإِعراب مختلفاً فإذا قال : وتشربَ اللبن بفتح الباء كان نهياً عن الجمع ويكون الانتصاب بمعنى تقدير حرف ( أَنْ ) اه. وهو يرمي إلى أن هذا المحمل يحتاج إلى قرينة.
فأفاد قوله :( وليسألوا ما أنفقوا ( أنهم إن أبوا من دفع مهور نساء المسلمين يفرّون إليهم كان ذلك مخوِّلاً للمؤمنين أن لا يعطوهم مهور من فرّوا من أزواجهم إلى المسلمين، كما يقال في الفقه : خيرتهُ تنفي ضررَه.