" صفحة رقم ١٧٤ "
مناسبة هذه الفاتحة لما بعدها من السورة بيان أن الكافرين محقوقون بأن تقاتلوهم لأنهم شذوا عن جميع المخلوقات فلم يسبحوا الله ولم يصفوه بصفات الكمال إذ جعلوا له شركاء في الإِلاهية. وفيه تعريض بالذين أخلفوا ما وعدوا بأنهم لم يؤدُّوا حق تسبيح الله، لأن الله مستحق لأن يوفّى بعهده في الحياة الدنيا وأن الله ناصر الذين آمنوا على عدوّهم.
وتقدم الكلام على نظير قوله :( سبح لله ( إلى ) الحكيم ( في أول سورة الحشر وسورة الحديد.
وفي إجراء وصف ) العزيز ( عليه تعالى هنا إيماء إلى أنه الغالب لعدوّه فما كان لكم أن تَرهَبُوا أعداءه فتفرّوا منهم عند اللقاء.
وإجراء صفة ) الحكيم ( إن حملت على معنى المتصف بالحكمة أن الموصوف بالحكمة لا يأمركم بجهاد العدوّ عبثاً ولا يخليهم يغلبونكم. وإن حملت على معنى المُحكِم للأمور فكذلك.
( ٢، ٣ )
ناداهم بوصف الإِيمان تعريضاً بأن الإِيمان من شأنه أن يزع المؤمن عن أن يخالف فعلُه قولَه في الوعد بالخير.
واللام لتعليل المستفهم عنه وهو الشيء المبْهم الذي هو مدلول ) ما ( الاستفهامية لأنها تدل على أمر مبهم يطلب تعيينه.
والتقدير : تقولون مَا لاَ تفعلون لأي سبب أو لأية علّة.
وتتعلق اللام بفعل ) تقولون ( المجرور مع حرف الجر لصدارة الاستفهام.
والاستفهام عن العلة مستعمل هنا في إنكار أن يكون سبب ذلك مرضياً لله تعالى، أي أن ما يدعوهم إلى ذلك هو أمر منكر وذلك كناية عن اللوم والتحذير من ذلك كما في قوله تعالى :( قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل في سورة البقرة.


الصفحة التالية
Icon